فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

{ واتبعك الأرذلون } والحال قد اتبعك كل أرذل ، أي خسيس دنيء .

{ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون } ، فرد قومه يمارون في الحق وقد تبين : أتريد أن نتابعك يا نوح على ما أنت عليه من الدين وقد آمن بك الضعفاء الذين لا رأي لهم ولا حسب ، كما حكى القرآن عنهم في آية كريمة أخرى : ( . . وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي . . ){[2717]} ، أي إن اتبعناك فسنسوى بهؤلاء الأخساء الأدنياء ، فلا يجمعنا وإياهم مجلس ، وكأنهم طالبوا بطرد هؤلاء المؤمنين المتواضعين ، لكنه عليه الصلوات والتسليم أيأسهم من تنحية هؤلاء المصدقين : ( . . ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني لمن الظالمين ){[2718]} .

حتى ليتراءى للمتدبر أن إفك المشركين ومراء المستكبرين يكاد لا يختلف :

( أتواصوا به بل هم قوم طاغون ){[2719]} ، لقد قال كبراء مكة لخاتم النبيين في ضعاف المؤمنين قريبا مما قال هؤلاء لنوح عليه الصلوات والتسليم ، فثبت الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على الحق المبين ، وناداه : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا . وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا . . ){[2720]} .


[2717]:سورة هود. من الآية53.
[2718]:سورة هود. من الآية31.
[2719]:سورة الذاريات. الآية 53.
[2720]:سورة الكهف. الآية 28 ومن الآية 29.