فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بَعۡدَ إِذۡ أُنزِلَتۡ إِلَيۡكَۖ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (87)

{ ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين } لقد جاءك الحق من ربك ، فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ ! أليسوا قد اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي بقرآن غير الذي بين يديه ؟ ! وقالوا : ) . . ائت بقرآن غير هذا أو بدله . . ( {[3137]} فألهمه الله تعالى حجته ، وأنزل عليه : ) . . قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي . . )أليسوا قد عرضوا عليه أن يكف عن سب آلهتهم ويكفوا عن سب إلهه ؟ ! فجاءه وحي ربه : )قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون . ولا أنتم عابدون ما أعبد . ولا أنا عابد ما عبدتم . ولا أنتم عابدون ما أعبد . لكم دينكم ولي دين )ألم يقترحوا أن يسكت عن تلاوة الآيات التي تسفه عقول المشركين وتبطل ضلالهم ؟ ! فتكون بذلك مهادنة لهم ، ولربما يخطر في البال أن يكون الإمهال مما يطمع في هدى بعد ضلال ؟ ! فتأتيه الآيات الكريمة تترى )وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا . ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا . إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا( {[3138]} ومن قبلها يعلمه ربه : )وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا . وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورا( {[3139]} فهو لا يزيد الظالمين إلا خسارا ، بينما يهدي ويعظ ويشفي قلب من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، فادع إلى الله وليدع من اتبعك على هدى وبصيرة ، فلعل العليم الخبير يهدي بها ذرية هؤلاء المشركين ، وبحسبكم أن تظلوا قرآنيين ، وعلى الحق تنادون ) . . معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون( {[3140]} وما يرضى عنكم المشركون والكتابيون حتى تتبعوا ملتهم فاحذروا كيدهم ) . . قاتلهم الله أنى يؤفكون( {[3141]} وإذا كان هذا بلاغ الله العظيم إلى نبيه وهو إمام المتقين ، فهل يرضى الملك القدوس المهيمن من بعض من ينتسبون إلى الإسلام أن يساوموا على ميثاق رب العالمين ؟ ! حاشا ! فقد أعذر الله تعالى إلى الناس وأنذرهم ونادى المؤمنين وحذرهم : ) . . لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء . . ( {[3142]} ) . . لا تتولوا قوما غضب الله عليهم . . ( {[3143]} ) . . إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين( {[3144]} ) . . إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين( {[3145]} ) . . ومن يتولهم منكم فإنه منهم . . ( {[3146]}


[3137]:سورة يونس. من الآية 15.
[3138]:سورة الإسراء. الآيات 73، 74، 75.
[3139]:سورة الإسراء. الآيتان 45، 46.
[3140]:سورة الأعراف. من الآية 164.
[3141]:سورة التوبة. من الآية 30.
[3142]:سورة الممتحنة. من الآية 1.
[3143]:سورة الممتحنة. من الآية 13.
[3144]:سورة آل عمران من الآية 149.
[3145]:سورة آل عمران. من الآية 100.
[3146]:سورة المائدة. من الآية 51.