فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَسۡبِقُونَاۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (4)

{ أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون4 }

أم ظن المشركون والمفسدون أن يفوتونا بأنفسهم ويعجزونا فلا نقدر على جمعهم فننتقم منهم ؟ ساء ما ظنوه ، وبئس حكما يحكمونه هذا ، أو بئس من يحكم حكمهم ، هل توهموا أن من كلف بشيء ولم يمتثل عذب في الحال ؟ وأن يعذب في الاستقبال ، نظير قوله : )ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون( {[3155]}- والحاصل أن الإهمال لا يوجب الإهمال ، والتعجيل في جزاء الأعمال إنما يوجد ممن يخاف الفوت لولا الاستعجال ، ومعنى الإضراب{ أم } : أن هذا الحسبان أشنع من الحسبان الأول ، لأن ذلك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه ، وهذا يظن أنه لا يجازي بمساوئه . . وفي الآية إبطال قول من ذهب إلى أن التكاليف إرشادات والإيعاد عليها ترغيب وترهيب ، ولا يوجب من الله تعذيب-{[3156]} .


[3155]:سورة الأنفال. الآية 59.
[3156]:ما بين العارضتين مقتبس من النيسابوري، بتصرف.