فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

{ الحكمة } موافقة الصواب .

{ حميد } محمود تحمده الخلائق ، وهو المستحق للحمد على الحقيقة .

{ ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر- فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد 12 وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم 13 ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير 14 وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون 15 }

ولقد أعطينا لقمان{[3420]} علما يهدي إلى الصواب ، ونورا إلى نهج الرشد والخير ، وعهدنا إليه أن يشكر لله تعالى أنعمه ، فيقر بعطائه وجوده ويستيقن بفضله ، وتستقيم جوارحه على ما يرضي الكريم والوهاب ، فهو تصديق بالعقل والوجدان والقلب ، وإقرار باللسان الذاكر المسبح الحامد الشاكر ، وعمل بالجوارح يبتغي به مرضاة الرزاق المتين ، البر الرحيم .

{ ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه } من أقر لمولاه بالفضل ، وشكره على العطاء الجزل ، وأطاعه خشية ورجاء فإنما يعود ثواب شكره إلى عاجله متاعا ورزقا مباركا وذكرا طيبا في الأرض وفي السماء ، وإلى آجله جنة وحريرا ، ونعيما وملكا كبيرا .

{ ومن كفر فإن الله غني حميد } ومن جحد المنعم أو كذب بآياته ورغب عن الدين الخالص فلن يضر إلا نفسه والله غني عن طاعة المطيعين ، محمود من خلقه في السماوات وفي الأرضين : ) . . فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار . . . ( {[3421]} )ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء( {[3422]} )ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض . . ( {[3423]} .

[ { أن اشكر الله } أي : أي اشكر ، على أن { أن } تفسيرية ، وما بعدها تفسير لإيتاء الحكمة ، وفيه القول دون حروفه ، سواء كان بإلهام أو وحي أو تعليم ]{[3424]} .


[3420]:عبد صالح، أوتي عقلا وفهما، وعلما أورثه عملا، لكن لم يؤت نبوة- على القول الراجح.
[3421]:سورة فصلت. من الآية 38.
[3422]:سورة الحج. الآية 18.
[3423]:سورة النور. من الآية 41.
[3424]:ما بين العارضتين [ ] مما أورد الألوسي.