فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ} (20)

{ ألم تروا } استفهام تقريري ، والرؤية بصرية وبصيرية .

{ سخر } ذلل وقهر .

{ وأسبغ } وأوسع ، وأتم .

{ يجادل } ينازع .

{ ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير 20 وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير21 ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور22 }

ينكر القرآن الكريم على الغافلين عن سلطان الله ، والمرتابين في آياته ورسالاته وملاقاته ، مع أنهم يرون بأبصارهم وبصائرهم وفكرهم أن العزيز العليم ذلل وقهر لنا ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم وكواكب ومنازل فهي منقادة له سبحانه جعلها في منافع العباد في عاجلهم وآجلهم ، وملائكتها عليهم السلام كذلك ، وسخر لنا ما في الأرض من يابسة وماء ونبات وحيوان وهواء ، وما بين ذلك من سحاب ورياح ، وأوسع علينا نعمه- جمع نعمة- وأتمها : ظاهرة كالمحسوسات ، وباطنة كالمعقولات .

{ ومن الناس من يجادل في الله } يخاصم وينازع ويغالب في وحدانية المعبود بحق وقدسيته من غير أن تكون لديه حجة أو برهان على ما يدعيه ، فانعدم السلطان والدليل من جهة العقل ، { ولا كتاب منير } لم يأته من وحي ، ولا جاءه من السماء كتاب يوضح ما زعمه وينير ظلمات افترائه ، كما تحدى الكتاب المبين ضلال هؤلاء المفترين فقال : ) . . أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شر في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين( {[3442]} وأبطل الحق سبحانه إفك الملحدين والمنكرين الجاحدين لجلال رب العالمين فقال تبارك اسمه : )أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون( {[3443]} ثم جاء بعدها : )أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين( {[3444]} .


[3442]:سورة الأحقاف. من الآية 4.
[3443]:سورة الطور. الآية 35.
[3444]:سورة الطور. الآية 38.