الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (33)

{ كُلٌّ } التنوين فيه عوض من المضاف إليه ، أي : كلهم { فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } والضمير للشمس والقمر ، والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة ، جعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها وهو السبب في جمعهما بالشموس والأقمار ، وإلا فالشمس واحدة والقمر واحد ، وإنما جعل الضمير واو العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة .

فإن قلت : الجملة ما محلها ؟ قلت : محلها النصب على الحال من الشمس والقمر .

فإن قلت : كيف استبدّ بهما دون الليل والنهار بنصب الحال عنهما ؟ قلت : كما تقول : رأيت زيداً وهنداً متبرجة ونحو ذلك ؛ إذا جئت بصفة يختص بها بعض ما تعلق به العامل . ومنه قوله تعالى في هذه السورة { وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } [ الأنبياء : 72 ] أو لا محل لها لاستئنافها .

فإن قلت : لكل واحد من القمرين فلك على حدة ، فكيف قيل : جميعهم يسبحون في فلك ؟ قلت : هذا كقولهم «كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفاً » أي كل واحد منهم ، أو كساهم وقلدهم هذين الجنسين ، فاكتفى بما يدل على الجنس اختصاراً ، ولأنّ الغرض الدلالة على الجنس .