الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ وَهُم بِذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (36)

الذكر يكون بخير وبخلافه ، فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد ، كقولك للرجل : سمعت فلاناً يذكرك ، فإن كان الذاكر صديقاً فهو ثناء ، وإن كان عدوّاً فذم . ومنه قوله تعالى : { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } [ الأنبياء : 60 ] وقوله : { أهذا الذى يَذْكُرُ الِهَتَكُمْ } والمعنى أنهم عاكفون على ذكر آلهتهم بهممهم وما يجب أن لا تذكر به ، من كونهم شفعاء وشهداء . ويسوءهم أن يذكرها ذاكر بخلاف ذلك . وأما ذكر الله وما يجب أن يذكر به من الوحدانية ، فهم به كافرون لا يصدّقون به أصلاً فهم أحق بأن يتخذوا هزؤا منك ، فإنك محق وهم مبطلون . وقيل معنى { بِذِكْرِ الرحمن } قولهم : ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة . وقولهم { وَمَا الرحمن أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } [ الفرقان : 60 ] وقيل : { بِذِكْرِ الرحمن } بما أنزل عليك من القرآن . والجملة في موضع الحال ، أي يتخذونك هزؤا . وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهي الكفر بالله .