الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَجَعَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِيهَا فِجَاجٗا سُبُلٗا لَّعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (31)

أي كراهة { أَن تَمِيدَ بِهِمْ } وتضطرب . أو لئلا تميد بهم ، فحذف «لا » واللام . وإنما جاز حذف «لا » لعدم الالتباس ، كما تزاد لذلك في نحو قوله : { لّئَلاَّ يَعْلَمَ } [ الحديد : 29 ] وهذا مذهب الكوفيين . [ فجاجاً ] الفج : الطريق الواسع .

فإن قلت : في الفجاج معنى الوصف ، فما لها قدمت على السبل ولم تؤخر كما في قوله تعالى : { لّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } [ نوح : 20 ] قلت : لم تقدّم وهي صفة ، ولكن جعلت حالاً كقوله :

لِعَزَّةَ مُوحِشاً طَلَلٌ قَدِيم ***

فإن قلت : ما الفرق بينهما من جهة المعنى ؟ قلت : أحدهما الإعلام بأنه جعل فيها طرقاً واسعة . والثاني : بأنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة ، فهو بيان لما أبهم ثمة ، محفوظاً حفظه بالإمساك بقدرته من أن يقع على الأرض ويتزلزل ، أو بالشهب عن تسمع الشياطين على سكانه من الملائكة .