غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لِّنُحۡـِۧيَ بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗا وَنُسۡقِيَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَآ أَنۡعَٰمٗا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرٗا} (49)

21

قال { ميتاً } مع قوله { بلدة } بالتأنيث لأن " فيعلاً " غير جارٍ على الفعل فكأنه اسم جامد وصف به ، أو بتأويل البلد والمكان . والأناسيّ جمع أنسي أو جمع إنسان على أن أصله أناسين فقلبت النون ياء . و " فعيل " قد يستوي فيه الواحد والجمع فلهذا لم يقل وأناسي كثيرين ومثله { وقروناً بين ذلك كثيراً } . أسئلة أوردها جار الله مع أجوبتها : الأول : أن إنزال الماء موصوفاً بالطهارة وتعليله بالإحياء والسقي يؤذن بأن الطهارة شرط في صحة الإحياء والسقي كما تقول : حملني الأمير على فرس جواد لأصيد به الوحش . الجواب لما كان سقي الأناسي من جملة ما أنزل له الماء وصفه بالطهور إكراماً لهم وتتميماً للمنة عليهم وإشارة إلى أن من حق استعمال الماء في الباطن والظاهر أن يكون طاهراً غير مخالط لشيء من القاذورات . قلت : قد قررنا فائدة هذا الوصف بوجه آخر آنفاً . السؤال الثاني : لم خص الأنعام من بين ما خلق من الحيوان المنتفع بالماء ؟ الجواب لأن الطير والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام ، ولأنها قنية الإنسان وعامة منافعه متعلقة بها فسقيها إنعام عليه . الثالث : ما معنى تنكير الأنعام والأناسي ووصفهم بالكثرة ؟ الجواب لأن بعض الأنعام والأناسي الذين هم بقرب الأودية والأنهار العظام لا يحتاجون إلى ماء السماء احتياجاً بيناً ، ولمثل هذا نكر البلدة في قوله { بلدة ميتاً } .

/خ50