وقوله : «لِنُحْيِيَ بِهِ » فيه وجهان :
أظهرهما : أنه متعلق بالإنزال . والثاني : وهو صعب أنه متعلق ب ( طهور ){[36340]} .
ووصف «بَلْدَةً » ب «مَيِّت » وهي صفة للمذكر{[36341]} ، لأنها بمعنى البلد .
قوله : «وَنُسْقِيَهُ » العامة على ضمّ النون ، وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية عنهما وأبو حيوة{[36342]} وابن أبي عبلة بفتحها{[36343]} ، وقد{[36344]} تقدم أنه قرئ بذلك في النحل{[36345]} والمؤمنون{[36346]} وتقدم الكلام ( على ذلك ){[36347]} .
قوله : «مِمَّا خَلَقْنَا » يجوز أن يتعلق «مِنْ » ب «نُسْقِيَهُ » ، وهي لابتداء الغاية ، ويجوز أن تتعلق بمحذوف على أنها حال من «أَنْعَاماً »{[36348]} ، ونكرت الأنعام والأناسي ، ( قال الزمخشري ){[36349]} : لأن علية الناس وجلهم مجتمعون بالأودية{[36350]} والأنهار ، فيهم غنية عن سقي الماء وأعقابهم وهم كثير منهم لا يعيشهم إلا ما ينزل{[36351]} الله من رحمته وسقيا ( سمائه{[36352]} ){[36353]} .
قوله : «وَأَنَاسِيَّ » فيه وجهان :
أحدهما : وهو مذهب سيبويه أنه جمع إنسان ، والأصل إنسان ، وأناسين ، فأبدلت النون ياء ، وأدغمت فيها الياء قبلها نحو ظربان وظرابي{[36354]} .
والثاني : وهو قول الفراء{[36355]} والمبرد{[36356]} والزجاج{[36357]} أنه جمع إنسي . وفيه نظر ، لأن فعالي إنما يكون جمعاً لما فيه ياء مشددة لا تدل على نسب نحو كرسي وكراسي ، فلو أريد ب ( كرسي ) النسب لم يجز جمعه على كراسي{[36358]} ، ويبعد أن يقال : إن الياء في إنْسِيّ ليست للنسب{[36359]} ، وكان حقه أن يجمع على ( أناسية ) نحو مهالبة في المهلبي ، وأزارقة في الأزرقي{[36360]} . وقرأ يحيى بن الحارث الذماري{[36361]} والكسائي{[36362]} في رواية «وأناسِيَ » بتخفيف الياء{[36363]} . قال الزمخشري : بحذف ياء أفاعيل ، كقولك ( أناعم في أناعيم{[36364]} ){[36365]} . قال الزمخشري : فإن قلت : لم قدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناسي . قلت : لأن حياة الأناسي بحياة أرضهم وحياة أنعامهم ، فقدم ما هو سبب حياتهم ، ولأنهم إذا ظفروا بسقيا أرضهم ، وسقي أنعامهم لم يعدموا سقياهم{[36366]} فإن قيل : لم خص الإنسان والأنعام هاهنا بالذكر دون الطير والوحش مع انتفاع الكل بالماء ؟ فالجواب : لأن الطير والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام ، لأن حوائج الأناسي ومنافعهم متعلقة بها فكان{[36367]} الإنعام عليهم ( بسقي أنعامهم كالإنعام عليهم ){[36368]} بسقيهم{[36369]} . وقال : «أَنَاسِيَّ كَثيراً » ولم يقل : كثيرين ، لأنه قد جاء فعيل مفرداً ويراد به الكثرة كقوله : { وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } [ الفرقان : 38 ] { وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً }{[36370]} [ النساء : 69 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.