فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّنُحۡـِۧيَ بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗا وَنُسۡقِيَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَآ أَنۡعَٰمٗا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرٗا} (49)

ثم ذكر سبحانه علة الإنزال فقال :

{ لِنُحْيِيَ بِهِ } أي الماء المنزل من السماء { بَلْدَةً مَّيْتًا } وصف البلدة بالميت ، وهي صفة للمذكر ، لأنها بمعنى البلد وقال الزجاج : أراد بالبلد المكان أو يستوي فيه المذكر والمؤنث والمراد بالإحياء هنا إخراج النبات من المكان الذي لا نبات فيه { وَنُسْقِيَهُ } بضم النون ، وقريء فتحها والضمير المنصوب راجع إلى الماء { مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا } أي بهائم أي إبلا ، وبقرا وغنما وقد تقدم الكلام عليها ، وخص بالذكر لأنها ذخيرتنا . ومدار معاش أكثر أهل المدر ، ولذلك قدم سقيها على سقيهم ، كما قدم عليها إحياء الأرض فإنها سبب لحياتها وتعيشها فقدم ما هو سبب بحياتهم ومعاشهم .

{ وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا } جمع إنسان على ما ذهب إليه سيبويه ؛ وهو الراجح وقال المبرد ، والفراء والزجاج : إنه جمع إنسي أي بياء النسب وفيه أن ما هي فيه لا يجمع على فعالي ، وللفراء قول آخر أنه جمع الإنسان والأصل على الأول أناسين مثل سرحان وسراجين ، وبستان وبساتين ، فجعلوا الياء عوضا من النون .

{ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ( 51 ) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ( 52 ) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ( 53 ) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ( 54 ) وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ( 55 ) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ( 56 ) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ( 57 ) } .