الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا} (62)

الخلفة من خلف ، كالركبة من ركب . وهي الحالة التي يخلف عليها الليل والنهار كلّ واحد منهما الآخر . والمعنى : جعلهما ذوي خلفة ، أي : ذوي عقبة ، أي : يعقب هذا ذاك وذاك هذا . ويقال : الليل والنهار يختلفان ، كما يقال : يعتقبان . ومنه قوله : { واختلاف اليل والنهار } [ البقرة : 164 ] ، [ آل عمران : 190 ] ، [ الجاثية : 5 ] ويقال : بفلان خلفة واختلاف . إذا اختلف كثيراً إلى متبرّزه . وقرىء : «يذكر » و «يذّكر » . وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه : يتذكر . والمعنى لينظر في اختلافهما الناظر ، فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال ، وتغيرهما من ناقل و مغير . ويستدلّ بذلك على عظم قدرته ، ويشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف بالنهار ، كما قال عزّ وعلا : { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } [ القصص : 73 ] أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين ، من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر . وعن الحسن رضي الله عنه : من فاته عمله من التذكر والشكر بالنهار كان له في الليل مستعتب . ومن فاته بالليل : كان له في النهار مستعتب .