فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا} (62)

{ وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً } قال أبو عبيدة : الخلفة كلّ شيء بعد شيء : الليل خلفة للنهار ، والنهار خلفة لليل ، لأن أحدهما يخلف الآخر ويأتي بعده ؛ ومنه خلفة النبات ، وهو ورق يخرج بعد الورق الأول في الصيف ، ومنه قول زهير بن أبي سلمى :

بها العين والآرام يمشين خلفة***وأطلاؤها ينهضن من كلّ مجثم

قال الفراء في تفسير الآية : يقول يذهب هذا ويجيء هذا ، وقال مجاهد : خلفة من الخلاف ، هذا أبيض ، وهذا أسود . وقيل يتعاقبان في الضياء والظلام والزيادة والنقصان . وقيل هو من باب حذف المضاف : أي جعل الليل والنهار ذوي خلفة : أي اختلاف { لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ } قرأ حمزة مخففاً ، وقرأ الجمهور بالتشديد ، فالقراءة الأولى من الذكر لله ، والقراءة الثانية من التذكر له . وقرأ أبيّ بن كعب { يتذكر } ، ومعنى الآية : أن المتذكر المعتبر إذا نظر في اختلاف الليل والنهار علم أنه لابدّ في انتقالهما من حال إلى حال من ناقل { أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } أي أراد أن يشكر الله على ما أودعه في الليل والنهار من النعم العظيمة والألطاف الكثيرة . قال الفراء : ويذكر ويتذكر يأتيان بمعنى واحد . قال الله تعالى : { واذكروا مَا فِيهِ } [ الأعراف : 171 ] ، وفي حرف عبد الله «ويذكروا ما فيه » .

/خ67