من قرأ بالتشديد أراد : «فصدّهم عن السبيل » لئلا يسجدوا فحذف الجار مع أن . ويجوز أن تكون «لا » مزيدة ، ويكون المعنى : فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا . ومن قرأ بالتخفيف ، فهو «ألا يسجدوا » . ألا للتنبيه ، ويا حرف النداء ، ومناداه محذوف ، كما حذفه من قال :
أَلاَ يَا اسْلَمِي يَا دَارَ مَيٍّ عَلَى الْبِلَى *** وفي حرف عبد الله وهي قراءة الأعمش : «هلا » ، و«هلا » : بقلب الهمزتين هاء . وعن عبد الله : «هلا تسجدون » بمعنى ألا تسجدون على الخطاب . وفي قراءة أبيّ : «ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون » ، وسمي المخبوء بالمصدر : وهو النبات والمطر وغيرهما مما خبأهُ عز وعلا من غيوبه . وقرىء : «الخب » ، على تخفيف الهمزة بالحذف . والخبا ، على تخفيفها بالقلب ، وهي قراءة ابن مسعود ومالك بن دينار . ووجهها : أن تخرج على لغة من يقول في الوقف : هذا الخبو ، رأيت الخبا ، ومررت بالخبي ، ثم أجري الوصل مجرى الوقف ، لا على لغة من يقول : الكمأة والحمأة ؛ لأنها ضعيفة مسترذلة . وقرىء : «يخفون ويعلنون » بالياء والتاء . وقيل : من أحطت إلى العظيم هو كلام الهدهد . وقيل : كلام رب العزة . وفي إخراج الخبء : أمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السموات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ، ولا يكاد تخفى على ذي الفراسة النظار بنور الله مخائل كل مختص بصناعة أو فنّ من العلم في روائه ومنطقه وشمائله ، ولهذا ورد : ما عمل عبد عملاً إلا ألقى الله عليه رداء عمله .
فإن قلت : أسجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعاً أم في إحداهما ؟ قلت ؛ هي واجبة فيهما جميعاً ، لأنّ مواضع السجدة إما أمرٌ بها ، أو مدحٌ لمن أتى بها ، أو ذمٌ لمن تركها ، وإحدى القراءتين أمر بالسجود ، والأخرى ذم للتارك . وقد اتفق أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله على أنّ سجدات القرآن أربع عشرة ، وإنما اختلفا في سجدة ص : فهي عند أبي حنيفة سجدة تلاوة . وعند الشافعي : سجدة شكر . وفي سجدتي سورة الحج وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد ، فغير مرجوع إليه .
فإن قلت : هل يفرق الواقف بين القراءتين ؟ قلت : نعم إذا خفف وقف على { فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } ثم ابتداء { أَلاَّ يَسْجُدُواْ } ، وإن شاء وقف على «ألا » ثم ابتدأ { يَسْجُدُواْ } وإذا شدّد لم يقف إلا على { العرش العظيم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.