{ لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المؤمنين } على من آمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه . وخص المؤمنين منهم لأنهم هم المنتفعون بمبعثه { مّنْ أَنفُسِهِمْ } من جنسهم عربياً مثلهم . وقيل من ولد إسماعيل كما أنه من ولده ،
فإن قلت : مما وجه المنة عليهم في أن كان من أنفسهم ؟ قلت : إذا كان منهم كان اللسان واحداً ، فسهل أخذ ما يجب عليهم أخذه عنه وكانوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة ، فكان ذلك أقرب لهم إلى تصديقه والوثوق به ، وفي كونه من أنفسهم شرف لهم ، كقوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة فاطمة رضي الله عنها : من «أَنْفَسِهِم » ، أي من أشرفهم . لأن عدنان ذروة ولد إسماعيل ، ومضر ذروة نزار بن معد بن عدنان ، وخندف ذروة مضر ، ومدركة ذروة خندف ، وقريش ذروة مدركة ، وذروة قريش محمد صلى الله عليه وسلم . وفيما خطب به أبو طالب في تزويج خديجة رضي الله عنها وقد حضر معه بنو هاشم ورؤساء مضر : الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضىء معدّ وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته وسوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس . ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله من لا يوزن به فتى من قريش إلا رجح به ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل . وقرئ : «لمن منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم » . وفيه وجهان : أن يراد لمن منّ الله على المؤمنين منه أو بعثه إذ بعث فيهم ، فحذف لقيام الدلالة ، أو يكون إذ في محل الرفع كإذا في قولك : أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائماً ، بمعنى لمن منّ الله على المؤمنين وقت بعثه { يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياته } بعد ما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي { وَيُزَكّيهِمْ } ويطهرهم من دنس القلوب بالكفر ونجاسة سائر الجوارح بملابسة المحرمات وسائر الخبائث . وقيل : ويأخذ منهم الزكاة { وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة } القرآن والسنة بعدما كانوا أجهل الناس وأبعدهم من دراسة العلوم { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ } من قبل بعثة الرسول { لَفِى ضلال } إن هي المخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية . وتقديره : وإنّ الشأن والحديث كانوا من قبل في ضلال { مُّبِينٍ } ظاهر لا شبهة فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.