الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارٖ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِينَارٖ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَيۡهِ قَآئِمٗاۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَيۡسَ عَلَيۡنَا فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ سَبِيلٞ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (75)

عن ابن عباس { مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ } هو عبد الله بن سلام ، استودعه رجل من قريشٍ ألفاً ومائتي أوقية ذهباً فأدّاه إليه . و{ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ } فنحاص بن عازوراء استودعه رجل من قريش ديناراً فجحده وخانه . وقيل : المأمونون على الكثير النصارى ، لغلبة الأمانة عليهم . والخائنون في القليل اليهود ، لغلبة الخيانة عليهم { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } إلا مدّة دوامك عليه يا صاحب الحق قائماً على رأسه متوكلاً عليه بالمطالبة والتعنيف ، أو بالرفع إلى الحاكم وإقامة البينة عليه . وقرئ : «يؤده » بكسر الهاء والوصل ، وبكسرها بغير وصل ، وبسكونها . وقرأ يحيى بن وثاب : «تئمنه » ، بكسر التاء . ودمت بكسر الدال من دام يدام { ذلك } إشارة إلى ترك الأداء الذي دلّ عليه لم يؤدّه ، أي تركهم أداء الحقوق بسبب قولهم { لَيْسَ عَلَيْنَا في الأميين سَبِيلٌ } أي لا يتطرّق علينا عتاب وذم في شأن الأميين ، يعنون الذين ليسوا من أهل الكتاب ، وما فعلنا بهم من حبس أموالهم والإضرار بهم ، لأنهم ليسوا على ديننا ، وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم ويقولون : لم يجعل لهم في كتابنا حرمة . وقيل : بايع اليهود رجالاً من قريش ، فلما أسلموا تقاضوهم فقالوا : ليس لكم علينا حق حيث تركتم دينكم ، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عند نزولها : " كذب أعداء الله ما من شيء في الجاهلية إلا وهو تحت قدميَّ ، إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البرّ والفاجر " وعن ابن عباس أنه سأله رجل فقال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة . قال : فتقولون ماذا ؟ قال : نقول ليس علينا في ذلك بأس . قال : هذا كما قال أهل الكتاب : ليس علينا في الأميين سبيل . إنهم إذا أدّوا الجزية لم يحلّ لكم أكل أموالهم إلا بطيبة أنفسهم . { وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكذب } بادعائهم أن ذلك في كتابهم { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم كاذبون .