{ وَلاَ تُؤْمِنُواْ } متعلق بقوله : { أَن يؤتى أَحَدٌ } وما بينهما اعتراض . أي : ولا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأهل دينكم دون غيرهم . أرادوا : أسرّوا تصديقكم بأنّ المسلمين قد أوتوا من كتب الله مثل ما أوتيتم ، ولا تفشوه إلا إلى أشياعكم وحدهم دون المسلمين لئلا يزيدهم ثباتاً ، ودون المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام { أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ } عطف على أن يؤتى والضمير في يحاجوكم لأحد لأنه في معنى الجمع ، بمعنى : ولا تؤمنوا لغير أتباعكم ، أنّ المسلمين يحاجونكم يوم القيامة بالحق ويغالبونكم عند الله تعالى بالحجة .
فإن قلت : فما معنى الاعتراض ؟ قلت : معناه أنّ الهدى هدى الله ، من شاء أن يلطف به حتى يسلم ، أو يزيد ثباته على الإسلام ، كان ذلك ، ولم ينفع كيدكم وحيلكم وزيكم تصديقكم عن المسلمين والمشركين ، وكذلك قوله تعالى : { قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } يريد الهداية والتوفيق . أو يتمَّ الكلام عند قوله : { إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } على معنى : ولا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر وهو إيمانهم وجه النهار إلا لمن تبع دينكم : إلا لمن كانوا تابعين لدينكم ممن أسلموا منكم لأن رجوعهم كان أرجى عندهم من رجوع من سواهم ، ولأن إسلامهم كان أغيظ لهم . وقوله : { أَن يؤتى } معناه لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قلتم ذلك ودبرتموه ، لا لشيء آخر ، يعني أن ما بكم من الحسد والبغي . أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من فضل العلم والكتاب دعاكم إلى أن قلتم ما قلتم ، والدليل عليه قراءة ابن كثير : أأن يؤتى أحد بزيادة همزة الاستفهام للتقرير والتوبيخ ، بمعنى : إلا أن يؤتى أحد .
فإن قلت : فما معنى قوله : { أَوْ يُحَاجُّوكُمْ } على هذا ؟ قلت : معناه دبرتم ما دبرتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يتصل به عند كفركم به من محاجتهم لكم عند ربكم . ويجوز أن يكون { هُدَى الله } بدلاً من الهدى ، و { أَن يؤتى أَحَدٌ } خبر إن ، على معنى : قل إن هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم حتى يحاجوكم عند ربكم فيقرعوا باطلكم بحقهم ويدحضوا حجتكم . وقرىء : «إن يؤتى أحد » . على إن النافية ، وهو متصل بكلام أهل الكتاب . أي ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم وقولوا لهم : ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم حتى يحاجوكم عند ربكم ، يعني ما يؤتون مثله فلا يحاجونكم ، ويجوز أن ينتصب { أَن يؤتى } بفعل مضمر يدل عليه قوله : { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } كأنه قيل : قل إن الهدى هدى الله ، فلا تنكروا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ؛ لأن قولهم { وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } إنكار لأن يؤتى أحد مثل ما أوتوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.