الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا} (69)

{ لاَ تَكُونُواْ كالذين ءاذَوْاْ موسى } قيل : نزلت في شأن زيد وزينب ، وما سمع فيه من قالة بعض الناس . وقيل : في أذى موسى عليه السلام : هو حديث المومسة التي أرادها قارون على قذفه بنفسها ، وقيل : اتهامهم إياه بقتل هارون ، وكان قد خرج معه [ إلى ] الجبل فمات هناك ، فحملته الملائكة ومرّوا به عليهم ميتاً فأبصروه حتى عرفوا أنه غير مقتول . وقيل : أحياه الله فأخبرهم ببراءة موسى عليه السلام . وقيل : قرفوه بعيب في جسده من برص أو أدرة ، فأطلعهم الله على أنه برىء منه { وَجِيهاً } ذا جاه ومنزلة عنده ، فلذلك كان يميط عنه التهم ، ويدفع الأذى ، ويحافظ عليه ، لئلا يلحقه وصم ولا يوصف بنقيصة ، كما يفعل الملك بمن له عنده قربة ووجاهة . وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبو حيوة : «وكان عبد الله وجيهاً » قال ابن خالويه : صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان ، فسمعته يقرؤها . وقراءة العامة أوجه ؛ لأنها مفصحة عن وجاهته عند الله ، كقوله تعالى : { عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ } [ التكوير : 20 ] وهذه ليست كذلك ،

فإن قلت : قوله : { مِمَّا قَالُواْ } معناه : من قولهم ، أو من مقولهم ؛ لأنّ «ما » إما مصدرية أو موصولة ، وأيهما كان فكيف تصحّ البراءة منه ؟ قلت : المراد بالقول أو المقول : مؤداه ومضمونة وهو الأمر المعيب ، ألا ترى أنهم سموا السبة بالقالة ، والقالة بمعنى القول ؟ .