بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا} (69)

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كالذين آذَوْاْ موسى } يعني : لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما آذى بنو إسرائيل موسى عليه السلام .

قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : أخبرني الثقة ، بإسناده عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً ، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلى سَوْأَةِ بَعْضٍ ، وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : والله مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلاّ بهُ أدرة . فَذَهَبَ مُوسَى عليه السلام مَرَّةً يَغْتَسِلُ . فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ . فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ . فَخَرَجَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ : حَجَرْ ثَوْبِي ، حَجَرْ ثَوْبِي حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ إلَى سَوْأَةِ مُوسَى . فَقَالُوا : وَالله ما بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ . فَقَامَ الحَجَرُ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْباً » . فقال أبو هريرة : ستة أو سبعاً . والله إن بالحجر لندباً سبعة بضرب موسى ، وذلك قوله : { فَبرَّأَهُ الله مِمَّا قَالُواْ } ويقال : إن موسى وهارون وابني هارون خرجوا فتوفي هارون في تلك الخرجة ، فلما رجع موسى إلى قومه قالت السفهاء من بني إسرائيل لموسى : أنت قتلت هارون . فخرج موسى مع جماعة من بني إسرائيل . فأحيا الله تعالى هارون عليه السلام فأخبر أنه لم يقتله أحد ، وأنه مات بأجله فذلك قوله تعالى : { فَبرَّأَهُ الله مِمَّا قَالُواْ } { وَكَانَ عِندَ الله وَجِيهاً } يعني : مكيناً وكان له جاه عنده منزلة وكرامة .