الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

روي أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله ، أو نحن أيضاً نكلمهن من وراء الحجاب ، فنزلت { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ } أي لا إثم عليهم في أن لا يحتجبن من هؤلاء ولم يذكر العم والخال ، لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وقد جاءت تسمية العم أباً . قال الله تعالى : { وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [ البقرة : 133 ] وإسماعيل عمّ يعقوب . وقيل : كره ترك الاحتجاب عنهما لأنهما يصفانها لأبنائهما ، وأبناؤهما غير محارم ، ثم نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب ، وفي هذا النقل ما يدلّ على فضل تشديد ، فقيل : { واتقين الله } فيما أمرتن به من الاحتجاب وأنزل فيه الوحي من الاستتار ، واحتطن فيه ، وفيما استثنى منه ما قدرتن ، واحفظن حدودهما واسلكن طريق التقوى في حفظهما ؛ وليكن عملكن في الحجب أحسن مما كان وأنتن غير محجبات ، ليفضل سركن علنكن { إِنَّ الله كَانَ على كُلّ شَىْء } من السرّ والعلن وظاهر الحجاب وباطنه { شَهِيداً } لا تتفاوت في علمه الأحوال .