قوله تعالى : { يا أيها الذين آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كالذين آذَوْا موسى } الآية لما بين أن من يؤذي الله ورسوله يُلعن ويعذب ، وكان ذلك إشارة إلى أن الإيذاء كفر أرشد المؤمنين إلى الامتناع من الإيذاء الذي هو دونه وهو لا يورث كفراً وهو من لم يرض بقسمة النبي عليه ( الصلاة و ) السلام وبحكمه ( بالفَيْءِ لِبَعْض ) فقال : لا تكونوا كالذين آذوا موسى قال بعضهم : إيذاؤهم لموسى بنسبة عيب في بَدَنِهِ ، وقيل : إن قارون قال لامرأة : قولي إِن موسى قد وقع في فاحشةٍ والإيذاء المذكور في القرآن كاف وهو قولهم : { فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا } وقولهم : { لَن نَصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ } إلى غير ذلك فقال للمؤمنين : لا تكونوا أمثالهم إذا طلبكم الرسول للقتال لا تقولوا اذهب أنت وربك فقاتلا وإذا أمركم الرسول بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وقوله : { فَبرَّأَهُ الله مِمَّا قَالُوا } على الأول ظاهر لأنه أبرز جسمه لقومه فرأوه وعلموا فساد اعتقادهم ونطقت المرأة بالحق وأمر ملائكته حتى عبروا بهارون عليهم فرأوه غير مجروح فعلموا براءة موسى - عليه الصلاة والسلام - عن ما رموه به وعلى الثاني فبرأه الله مما قالوا أي أخرجه عن عهدة ما طلبوا بإِعطائه البعض إياهم وإظهاره عدم جواز البعض وقطع حُجَجهم ثم ضرب عليهم الذّلَّةُ والمسكنة وغضب عليهم{[43991]} .
قوله : «عِنْد اللَّهِ » العامة على «عند » الظرفية المجازية ، وابن مسعود والأعمش وأبو حَيْوة «عبداً » مِن{[43992]} العبودية «لله » جار ومجرور وهي حسنة قال ابن خالويه صَلَّيْت{[43993]} خلف ابن شُنْبُوذ{[43994]} في رمضان فسمعته يقرأ بقراءة ابن مسعود{[43995]} هذه قال شهاب الدين : وكان مولعاً بِنَقْل الشاذة{[43996]} ، ومَا في «مِمَّا قَالُوا » إمَّا مصدرية ، وإما بمعنى الذي{[43997]} ، «وَجِيهاً » كريماً ذَا جاهٍ ، يقال وَجُهَ الرَّجُلُ يَوْجهُ وَجَاهَة فَهُوَ وَجيهٌ إذا كَانَ ذَا جَاهٍ وقَدْرٍ{[43998]} . قال ابن عباس : كان حَظِيّاً عند الله لا يَسْأَلُ شيئاً إلاّ أعطاه وقال الحسن : كان مستجاب الدعوة ، وقيل : كان محبباً مقبولاً{[43999]} ، واختلفوا فيما أُوذِيَ به موسى فروى أبُو هُرَيْرَةَ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنّ موسى كان رجلاً حَيِياً سَتْراً لا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ استحياء منه فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ من بني إسرائيل فقال : ما يستتر هذا التَّسَتُّر إلا من عيب بجلده إما بَرَص ، وإما أدرة ، وإمّا آفةٍ ، وإن اللَّهَ أراد أن يُبْرِئَهُ مما قالوا فخلا يوماً وحده فخلع فوضَع ثِيَابَهُ على حجر ثم اغْتَسَلَ فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر غدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحَجَر فجعل يقولُ ثوبي حَجَرٌ ، ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عُرْيَاناً أحْسَنَ ما خلق الله وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وقام الحجر فأخذ ثوبه واستتر وطفق بالحجر يضربه بعصاه فو اللَّه إن بالحجر لنَدْباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خَمْساً{[44000]} .
وقيل : لما مات{[44001]} هارون في التيه ادَّعوا على موسى أنه قتله فأمر الله الملائكة حتى مروا به على بني إسرائيل فعرفوا أنه لم يقتله ولم يروا ببدنه جرحاً ، وقال أبو العالية : إن قارون استأجر امرأة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمه الله وبرأ موسى وأهْلَكَ قَارُون{[44002]} ، ورَوَى أبُو وَائلٍ{[44003]} قال : سمعت عبد الله قال : «قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قَسْماً فقال رجل إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ثم قال «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى أَوذِيَ بأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.