الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

إنا بلونا أهل مكة بالقحط والجوع بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم { كَمَا بلونا أصحاب الجنة } وهم قوم من أهل الصلاة كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين ، فكان يأخذ منها قوت سنته ويتصدق بالباقي ، وكان يترك للمساكين ما أخطأه المنجل ، وما في أسفل الأكداس وما أخطأه القطاف من العنب ، وما بقي على البساط الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت ، فكان يجتمع لهم شيء كثير ، فلما مات قال بنوه : إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر ونحن أولو عيال ، فحلفوا ليصرمنها مصبحين في السدف خفية عن المساكين ، ولم يستثنوا في يمينهم ، فأحرق الله جنتهم . وقيل : كانوا من بني إسرائيل { مُصْبِحِينَ } داخلين في الصبح مبكرين .