اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ مُوسَىٰٓ أَتَقُولُونَ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمۡۖ أَسِحۡرٌ هَٰذَا وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّـٰحِرُونَ} (77)

ومعمولُ القول يحذف للدَّلالةِ عليه كثيراً ، كما يحذف القول كثيراً ، ويكون تقدير الآية : إن موسى - عليه الصلاة والسلام - قال لهم : { أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ } ما تقولون ، ثم حذف منه مفعول " أتقولون " لدلالة الحالِ عليه ، ثم قال : أسِحْرٌ هذا وهو استفهامٌ على سبيل الإنكار ، ثم احتجَّ على أنَّه ليس بسحرٍ ، بقوله : { وَلاَ يُفْلِحُ الساحرون } ؛ ومثلُ الآية في حذف المقول قولُ الشاعر : [ الطويل ]

لنَحْنُ الألَى قُلْتُمْ فأنَّى مُلِئْتُمُ *** بِرُؤيتنَا قبْلَ اهتِمَامٍ بكُمْ رُعْبَا{[18556]}

وفي كتاب سيبويه : " متَى رَأيتَ أو قُلْتَ زيداً مُنْطلقاً " على إعمال الأول ، وحذف معمول القول ، ويجوز إعمالُ القول بمعنى الحكاية به ، فيقال : " متى رأيت أو قلت زيد مُنطلقٌ " وقيل : القول في الآية بمعنى : العَيْب والطَّعْن ، والمعنى : أتَعِيبُونَ الحقَّ وتطعنُونَ فيه ، وكان من حقِّكم تعظيمُه ، والإذعانُ له ، من قولهم : " فلان يخافُ القالة " و " بين الناس تقاولٌ " إذا قال بعضهم لبعضٍ ما يسوؤه ، ونحو القولِ الذَِّكرُ في قوله : { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } [ الأنبياء : 60 ] وكلُّ هذا مُلخّص من كلام الزمخشريِّ .


[18556]:ينظر البيت في الهمع 1/57 والدرر 1/139 والبحر المحيط 5/180، والدر المصون 4/57.