فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ مُوسَىٰٓ أَتَقُولُونَ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمۡۖ أَسِحۡرٌ هَٰذَا وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّـٰحِرُونَ} (77)

{ قال موسى } أي جملا ثلاثا : الأولى { أتقولون للحق لما جاءكم } قيل في الكلام حذف والتقدير أتقولون للحق سحر فلا تقولوا ذلك .

ثم استأنف إنكارا آخر من جهة نفسه فقال : { أسحر هذا } وهي الثانية والملجئ إلى هذا أنهم لم يستفهموه عن السحر حتى يحكي ما قالوه بقوله أسحر هذا بل هم قاطعون بأنه سحر لأنهم قالوا إن هذا إلا سحر مبين ، فحينئذ لا يكون قوله { أسحر هذا } من قولهم . وقال الأخفش : هو قولهم ، وفيه نظر لما قدمنا .

وقيل معنى أتقولون أتعيبون الحق وتطعنون فيه وكان عليكم أن تذعنوا له ثم قال { أسحر هذا } منكرا لما قالوه والاستفهام للتقريع والتوبيخ بعد الجملة الأولى المستأنفة والمعنى أتقولون للحق لما جاءكم أن هذا لسحر مبين وهو أبعد شيء من السحر .

ثم أنكر عليهم وقرعهم ووبخهم فقال : { أسحر هذا } فجاء موسى عليه السلام بإنكار بعد إنكار وتوبيخ بعد توبيخ وتجهيل بعد تجهيل . والثالثة : { ولا يفلح الساحرون } أي والحال كذا فلا يظفرون بمطلوب ولا يفوزون بخير ولا ينجون من مكروه فكيف يقع في هذا من هو مرسل من عند الله ، وقد أيده بالمعجزات والبراهين الواضحة وحاصل السحر تمويه وتخييل وصاحب ذلك لا يفلح أبدا .