اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰٓ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (31)

قوله : { إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين } تقدَّم الكلام على هذا الاستثناء في البقرة .

قال القرطبيُّ{[19528]} -رحمه الله- : " الاستثناء من الجنس غير الجنس صحيح عند الشافعي -رضي الله عنه- ، حتَّى ولو قال له : عليَّ دينارٌ إلا ثوباً ، أو عَشْرة أثْوابٍ ، إلاَّ قفيز حِنظَةٍ ، وما جانس ذلك يكون مقبُولاً ، ويسقط عنه من المبلغ قيمة الثوبِ ، والحِنْطةِ ويستوي في ذلك : المكِيلات ، والمَوزونَات ، والمُقدَّرات " .

وقال مالكٌ ، وأبو حنيفة -رضي الله عنهما- : استثناء المكيل من الموزون ، والموزون من المكيل جائزٌ ؛ حتى لو استثنى الدَّراهم من الحنطةِ ، والحنطة من الدراهم ، قُبِلَ ، أمَّا إذا استثنى المقوَّماتِ من المكيلاتِ ، أو الموزوناتِ ، والمكيلاتِ من المقوماتِ ؛ فلا يصحُّ ؛ مثل أن يقول : له عشرة دنانير إلاَّ ثوباً ، أو عشرة أثواب إلاَّ ديناراً ، فيلزم المقرُّ جميع المبلغ .

قوله تعالى : { أبى أَن يَكُونَ } ، استئنافٌ ؛ وتقديره : أنَّ قائلاً قال : هلاَّ سجد ؟ فقيل : أبى ذلك ، واستكبر عنه .


[19528]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 10/18.