اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (32)

قوله تعالى : { قَالَ يا إبليس مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ الساجدين قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } قال بعض المتكلمين : إنه تعالى أوصل هذا الخطاب إلى إبليس ، على لسان بعض رسله ؛ وهذا ضعيف ؛ لأنَّ إبليس قال في الجواب : { لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ } ، فقوله : " خَلَقْتهُ " خطاب الحضورِ ، لا خطاب الغيبة ؛ فظاهره يقتضي أنَّ الله تعالى تكلم مع إبليس بغير واسطة .

فإن قيل : كيف يعقل هذا ؛ مع أنَّ مكالمة الله –تعالى- من غير واسطةٍ من أعظم الناصب ، وأعلى المراتب ، فكيف يعقل حصوله لرأسِ الكفرِةِ ؟ .

فالجواب : أنَّ مكالمة الله إنما تكون منصباً عالياً ، إذا كان على سبيل الإكرامِ والإعظام ، فأما إذا كان على سبيل الإهانة ، والإذلال ، فلا .