قوله تعالى : { وَإِن مِّن شَيْءٍ } ، " إنْ " : نافية ، و " مِنْ " مزيدة في المبتدإ ، و " عِنْدَنَا " خبره ، و " خَزائِنهُ " فاعل به ؛ لاعتماده على النَّفي ، ويجوز أن يكون " عِندَنَا " خبراً ل " ما " بعده ، والجملة خبر الأولى ، والأولى أولى ؛ لقرب الجارِّ من المفرد .
قال الواحدي : " الخَزائِنُ : جمع الخِزانَة ، وهي اسمُ المكان الذي يُخْزنُ فيه الشيء ، أي : يحفظ ، والخِزانةٌ –أيضاً- عمل الخازن ، ويقال : خَزَنَ الشَّيء يَخْزنهُ ، إذ أحْرزَهُ " .
و " خَزَائِنهُ " هو المطر ؛ لأنه سبب الأرزاق ، والمعايش لبني آدم ، وسائر الحيوانات .
قوله : " إلاَّ بقدَرٍ معلوم " يجوز أن يتعلق بالفعل قبله ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حالٌ من المفعول ، أي : إلا ملتبساً بقدرٍ .
قال ابن عباس -رضي الله عنه- : يريد : قدر الكفايةِ ، لكل أرضِ حدُّ مقدرٌ{[19480]} ، وقال الحكم : ما من عامٍ بأكثر مطرٍ ، من عام آخر ؛ ولكنه يمطر قومٌ ، ويحرمُ آخرون ، وربما كان في البحر ، يعني أنه –تعالى- ينزل المطر كلَّ عامٍ بقدرٍ معلومٍ ، غير أنَّه يصرفه إلى من يشاء حيث يشاء{[19481]} .
ولقائل أن يقول : لفظ الآية لا يدلُّ على هذا المعنى ، فإن قوله تعالى : { وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } ، لا يدلُّ على أنه –تعالى- ينزله في جميع الأعوامِ على قدر واحد ، فتفسير الآية بهذا المعنى تحكُّمٌ بغير دليلٍ .
وقال ابنُ الخطيب{[19482]} : " وتخصيص قوله تعالى : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } بالمطر تحكم محضٌ ؛ لأن قوله : { وَإِن مِّن شَيْءٍ } يتناول جميع الأشياء ، إلا ما خصه الدليل " .
روى جعفر ، عن محمدٍ ، عن أبيه ، عن جده ، قال : في العرش مثال جميع ما خلق الله في البر ، والبحر ، وهو تأويل قوله : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ }{[19483]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.