قوله : { والجان خَلَقْنَاهُ } منصوب على الاشتغال ، ورجَّح نصبه ؛ لعطف جملة على جملة فعليةٍ .
والجَّانُّ : أبُو الجنّ ، هو إبليس ؛ كآدم أبي الإنسِ ، وقيل : هو اسمٌ لجنسِ الجن .
وقرأ الحسن{[19521]} : " والجَأن " بالهمز ، وقد تقدّم الكلام في ذلك في أواخر الفاتحة .
قال ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- : الجان ِأبو الجن ؛ كما أن آدم أبو البشر ، وهو قول الأكثرين .
وروي أيضاً عن ابن عباسٍ ، والحسن ، ومقاتل ، وقتادة -رضي الله عنهم- : هو إبليس ، خلق قبل آدم{[19522]} .
وقيل : الجانُّ أبو الجن : وإبليس أبو الشياطين ، وفي الجنِّ : مسلمون ، وكافرون ، ويحيون ويموتون ، وأما الشيَّاطين ؛ فليس فيهم مسلمون ، ويموتون إذا مات إبليس .
وذكر وهبٌ : أنَّ من الجن من يولد له ، ويأكلُونَ ، ويشربون بمنزلة الآدميِّين ، ومن الجن من هم بمنزلةِ الرِّيح : لا يتوالدون ، ولا يأكلون ، ولا يشربون .
قال ابن الخطيب{[19523]} : " والأصحُّ أن الشياطين قسمٌ من الجن ، فمن كان منهم مؤمنٌ ، فإنه لا يسمَّى بالشيطان ، ومن كان منهم كافرٌ ، سمِّي بهذا الاسم . وسمُّوا جنًّا ؛ لاستتارهم عن الأعين ، ومنه يسمَّى الجنينُ ؛ لاستتاره عن الأعين ، في بطن أمِّه ، والجنَّةُ : ما تَقِي صاحبها ، وتستره ، ومنه سمِّيت الجنة ؛ لاستتارها بالأشجار " .
قوله تعالى : { مِن قَبْلِكَ } ، و " مِن نَارٍ " متعلقان ب : " خَلَقْنَاهُ " ؛ لأنَّ الأولى لابتداءِ الغاية ، والثانية للتبعيض ، وفيه دليلٌ على أنَّ " مِنْ " لابتداءِ الغاية في الزمان ، وتأويل البصريين له ، ولنظائره بعيد .
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : " يريد قبل خلق آدم صلوات الله وسلامه عليه " {[19524]} والسَّمومُ : ما يقتل من إفراطِ الحرّ من شمس ، أو ريح ، أو نار ؛ لأنها تدخل المسامَّ فتَقْتلُ .
قيل : سُمِّيت سمُوماً ؛ لأنها بلطفها تدخل في مسامِّ البدن ، وهي الخروقُ الخفيَّة التي تكون في جلد الإنسان ، يبرز منها عرقه وبخار بطنه .
وقيل : السَّمومُ ما كان ليلاً ، والحرورُ ما كان نهاراً . وعن ابن عباس : نارٌ لا دخان لها{[19525]} .
قال أبو صالح : والصَّواعِقُ تكون منها ، وهي نار بين السماء وبين الحجاب ، فإذا أحدث الله أمراً ، خرقت الحجاب فهوت إلى ما أمرت به ، فالهَدَّةُ التي تسمعون ؛ خرق ذلك الحجاب .
وقيل : نار السموم : لهب النَّار . وقيل : نارُ جهنَّم .
وروى الضحاك ، عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- : كان إبليس من جنسِ من الملائكة ، يقال لهم الجن ، خلقوا من نارِ السَّمومِ ، وخلقت الجنُّ الذين ذكروا من مارج من نارِ ، والملائكة خلقوا من نورٍ{[19526]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.