قوله تعالى : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا } الآية لما عرف رسوله عظيم نعمه عليه فما يتعلق بالدِّين ، وهو أنه تعالى آتاه سبعاً من المثاني ، والقرآن العظيم نهاه عن الرغبة في الدنيا فقال : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } ، أي لا تشتغل سرك ، وخاطرك بالالتفات إلى الدنيا ، وقد أوتيت القرآن العظيم .
قال أبو بكر -رضي الله عنه- " مَنْ أوتِي القرآن فرَأى أنَّ أحَداً أوتِي مِنَ الدنيَا أفضل ممَّا أوتِي ، فقَد صَغَّرَ عَظِيماً وعَظَّمَ صَغِيراً " {[19636]} . وتأوَّل سفيان بن عيينة هذه الآية بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ليْسَ مِنَّا من لمْ يتغنَّ بالقُرآنِ " أي لم يستغن{[19637]} .
وقال ابن [ عبَّاسٍ ]{[19638]} -رضي الله عنهما- : " لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ " ، أي لا تتمنّ ما فضلنا به أحداً من متاع الدُّنيا{[19639]} .
وقرَّر الواحديُّ هذا المعنى فقال : " إنَّما يكون مادًّا عينيه إلى الشيء ، إذا أدام النَّظر نحوه ، وإدامةٌ النَّظر إلى الشَّيء تدلُّ على استحسانه ، وتمنِّيه ، وكان النبي صلى لله عليه وسلم لا ينظر إلى ما يستحسن من متاع الدنيا " .
وروي أنه صلى الله عليه وسلم " نظر إلى نَعَم بَنِي المُصطلقِ ، وقد [ عَبِسَتْ ]{[19640]} في أبْوالِهَا ، وأبْعارِهَا ؛ فَتقنَّعَ في ثَوْبهِ ؛ وقَرأ هذِه الآية " {[19641]} .
قوله : " عَبِستْ في أبْوالِهَا وأبْعَارِهَا " هون أن تجف أبعارها ، وأبوالها على أفخاذها ، إذا تركت من العمل أيَّام الربيع ؛ فيكثر شحومها ، ولحومها ، وهي أحسن ما تكون .
قوله : { أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } .
قال ابن قتيبة : أي أصنافاً من الكُفَّار ، والزَّوْجُ في اللغة : الصِّنف { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } ؛ لأنهم لم يؤمنوا لم يؤمنوا ، فيتقوى بإسلامهم ، ثم قال عز وجل { واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } .
الخفض : معناه في اللغة : نقيض الرفع ، ومنه قوله تعالى في وصف القيامة { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } [ الواقعة : 3 ] ، أي : أنَّها تخفض أهل المعاصي ، وترفع أهل الطَّاعة ، وجناح الإنسان : يدهُ .
قال الليثُ -رضي الله عنه- يد الإنسان : جناحه ، قال تعالى : { واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرهب } [ القصص : 32 ] ، وخفض الجناح كناية عن اللِّين ، والرّفقِ ، والتَّواضع ، والمقصود : أنه نهاه عن الالتفات إلى الأغنياء من الكفار ، وأمره بالتَّواضع لفقراءِ المؤمنين [ ونظيره ]{[19642]} { أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين } [ المائدة : 54 ] ، وقوله : { أَشِدَّاءُ عَلَى الكفار رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.