اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّٗا} (63)

قوله : { تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ } صحت الإشارة ب " تِلْكَ " إلى " الجَنَّة " لأنها غائبة .

وقرأ الأعمش : " نورثها " بإبراز عائد الموصول{[21813]} .

وقرأ الحسن ، والأعرج{[21814]} ، وقتادة : " نُوَرِّثُ " بفتح الواو وتشديد الراء{[21815]} من ورَّث مضعفاً ، وقوله : { نُورث } استعارة ، أي : نبقي عليه الجنة كما نبقي على الوارث مال الموروث{[21816]} ، وقيل : معناه : ننقل تلك المنازل ممن لو أطاع لكانت له إلى عبادنا الذين اتقوا ربهم ، فجعل هذا النقل إرثاً ، قاله الحسن{[21817]} .

المتقي : هو من اتقى المعاصي ؛ واتقى ترك الواجبات .

قال{[21818]} القاضي{[21819]} : هذه الآية دالة على أن الجنة يدخلها من كان تقياً ، والفاسق المرتكب للكبائر لم يوصف بذلك .

وأجيب بأن هذه الآية تدل على أن المتقي يدخلها ، وليس فيها دلالة على أن غير المتقي لا يدخلها ؛ وأيضاً : فصاحب الكبيرة متقٍ عن الكفر ، ومن صدق عليه أنه متقٍ ( عن الكفر ، فقد صدق عليه أنه متق ){[21820]} ، لأن المتقي جزء مفهوم قولنا : المتقي عن الكفر ، وإذا كان صاحب الكبيرة ( يصدق عليه أنه متقٍ ، وجب أنه ) يدخل الجنة ، ( فالآية بأن تدل على أن صاحب الكبيرة يدخل الجنة ) أولى من أن تدل على أنه لا يدخلها{[21821]} .


[21813]:انظر البحر المحيط 6/202.
[21814]:هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أبو داود المدني، تابعي جليل، أخذ القراءة عرضا عن أبي هريرة، وابن عباس – رضي الله عنهم – وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وروى القراءة عنه عرضا نافع بن أبي نعيم، مات سنة 119 هـ. طبقات القراء 1/381.
[21815]:انظر تفسير ابن عطية 9/498، البحر المحيط 6/202.
[21816]:انظر الفخر الرازي 21/238.
[21817]:المرجع السابق.
[21818]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 21/239.
[21819]:تقدم.
[21820]:ما بين القوسين سقط من ب.
[21821]:آخر ما نقله عن الفخر الرازي 21/239.