اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا} (59)

قوله تعالى{[21675]} : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } الآية{[21676]} .

لما وصف الأنبياء{[21677]} بالمدح ترغيباً لنا في{[21678]} التأسي بهم ذرك بعدهم من بالضد منهم ، فقال : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ }{[21679]} أي من بعد هؤلاء الأنبياء " خَلْفٌ " من أولادهم ، يقال : خلفه إذا عقبه خلف سوء -بإسكان اللام- والخَلَف- بفتح اللام -الصالح{[21680]} ، كما قالوا : وعد في ضمان الخير ، ووعيد في ضمان الشر{[21681]} ، وفي الحديث : " في الله خلفٌ من كل هالك " {[21682]} وفي الشعر :

ذَهَبَ الذِينَ يُعَاشُ في أكْنَافِهِمْ *** وبَقيتُ في خَلْفٍ كَجِلْدِ الأجْرَبِ{[21683]}

قال{[21684]} السديُّ{[21685]} : أراد بهم اليهود ومن لحق بهم{[21686]} . وقال مجاهد{[21687]} وقتادة{[21688]} : هم{[21689]} في هذه الأمة{[21690]} . " أضاعُوا الصَّلاة " تركوا الصلاة المفروضة . وقال ابن مسعود{[21691]} وإبراهيم{[21692]} : أخروها عن وقتها . وقال سعيد بن المسيب{[21693]} : هو أن لا{[21694]} يصلي الظهر حتى يأتي العصر ، ولا يصلي العصر حتى تغرب الشمس{[21695]} . " واتَّبعُوا الشَّهواتِ " قال ابن عباس{[21696]} : هم اليهود تركوا الصلاة وشربوا الخمور ، واستحلوا نكاح الأخت من الأب{[21697]} . وقال مجاهد : هؤلاء قوم يظهرون في آخر الزمان ينزو{[21698]} بعضهم على بعض في الأسواق والأزقة{[21699]} . " فَسَوْفَ يقَوْنَ غيًّا " قال{[21700]} وهب{[21701]} وابن عباس وعطاء{[21702]} وكعب{[21703]} : هو وادٍ في جهنم بعيد قعره .

وقال أبو أمامة{[21704]} : مجازاة الآثام . وقال الضحاك{[21705]} : " غَيًّا " : خسراناً . وقيل : هلاكاً وقيل : عذاباً{[21706]} ، ونقل الأخفش{[21707]} أنه قرئ " يُلَقَّوْنَ " بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف{[21708]} من لقَّاه مضاعفاً . وقوله : { يَلْقَوْنَ } ليس معناه " يرون " فقط بل معناه الاجتماع والملابسة مع الرؤية{[21709]} .


[21675]:تعالى: سقط من ب.
[21676]:لفظ الآية سقط من ب، وكتب الآية كاملة.
[21677]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 21/236 بتصرف.
[21678]:في ب: بالتأسي.
[21679]:في ب: "فخلف من بعدهم خلف".
[21680]:انظر اللسان (خلف)، وفيه من الممكن استعمال كليهما في الخير والشر.
[21681]:انظر اللسان (وعد)، وقال الجوهري: الوعد يستعمل في الخير والشر.
[21682]:ذكره الفخر الرازي في تفسيره بدون سند 21/236.
[21683]:البيت من بحر الكامل، قاله لبيد. الكنف والكنفة: ناحية الشيء، وناحيتا كل شيء: كنفاه، والجمع أكناف. والمقصود بقوله: في أكنافهم: في ظل خيرهم. الجرب: معروف، بثر يعلو أبدان الناس والإبل. كجلد الأجرب: كجلد الجمل الأجرب، وهو ما لا ينتفع به. الخلف: الرديء، والبقية، وهو الشاهد وقد تقدم.
[21684]:من هنا نقله ابن عادل عن البغوي 5/379-380.
[21685]:تقدم.
[21686]:في ب: لحقهم.
[21687]:تقدم.
[21688]:تقدم.
[21689]:في ب: وهم.
[21690]:في ب: الآية. وهو تحريف.
[21691]:تقدم.
[21692]:تقدم.
[21693]:تقدم.
[21694]:لا: سقط من ب.
[21695]:آخر ما نقله هنا عن البغوي 5/379 – 380.
[21696]:تقدم.
[21697]:انظر: الكشاف 2/415، الفخر الرازي 21/236.
[21698]:في اَلأصل: ينزون. وفي ب: ينزوا. والصواب ما أثبته.
[21699]:انظر البغوي 5/380.
[21700]:من هنا نقله ابن عادل عن البغوي 5/380-382.
[21701]:تقدم.
[21702]:تقدم.
[21703]:تقدم.
[21704]:تقدم.
[21705]:تقدم.
[21706]:آخر ما نقله هنا عن البغوي 5/380-382.
[21707]:تقدم.
[21708]:المختصر (85)، الكشاف 2/415، البحر المحيط 6/201، ونسب صاحب الكشاف هذه القراءة إلى الأخفش حيث قال: (وقرأ الأخفش "يلقّون").
[21709]:انظر البغوي 5/382.