يجوز في " مَنْ " أن تكون شرطيَّةً وموصولةً ، والفاء : إمَّا واجبةٌ إن كانت شرطاً ، وإمَّا جائزةٌ ، إن كانت موصولةً ، والهاء في " بَدَّلَهُ " يجوز أن تعود على الوصيَّة ، وإن كان بلفظ المؤنَّث ؛ لأنَّها في معنى المذكَّر ، وهو الإيصاء ؛ كقوله تعالى : { فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظة }[ البقرة : 275 ] أي وعظٌ ، أو تعود على نفس الإيصاء المدلول عليه بالوصيَّة ، إلاَّ أنَّ اعتبار المذكَّر في المؤنَّث قليلٌ ، وإن كان مجازيًّا ؛ ألا ترى أنه لا فرق بين قولك : " هْنْدٌ خَرَجَتْ ، والشَّمْسُ طَلَعَتْ " ، ولا يجوز : " الشّمْسُ طَلَعَ " كما لا يجوز : " هِنْدٌ خَرَجَ " إلا في ضرورة .
وقيل : تعود على الأمر ، والفرض الذي أمر الله به وفرضه .
وقيل : تعود إلى معنى الوصيَّة ، وهو قولٌ ، أو فعلٌ ، وكذلك الضَّمير في " سَمِعَهُ " والضَّمير في " إثْمُهُ " يعود على الإيصاء المبدَّل ، أو التَّبديل المفهوم من قوله : " بَدَّلَهُ " ، وقد راعى المعنى في قوله : { عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ } ؛ إذ لو جرى على نسق اللفظ الأول ، لقال { فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عليه ، أو على الذي يُبَدِّلُهُ } ، وقيل : الضَّمير في " بَدَّلَهُ " يعود على الكتب ، أو الحَقِّ ، أو المعروفِ ، فهذه ستَّة أقوال ، و " مَا " في قوله : " بَعْدَمَا سَمِعَهُ " يجوز أن تكون مصدريَّةً ، أي : بعد سماعه ، وأن تكون موصولةً بمعنى " الذي " ، فالهاء في " سَمِعَهُ " على الأول تعود على ما عاد عليه الهاء في " بَدَّلَهُ " ؛ وعلى الثاني : تعود على الموصول ، أي " بَعْدَ الَّذي سَمِعَهُ مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ " .
أحدهما : انه الوصيُّ ، أو الشاهد ، أو سائر النَّاس .
أما الوصيُّ : فبأن يغيِّر الموصى به : إمَّا في الكتابة ، أو في قسمة الحقوق ، وأمَّا الشاهد : فبأن يغيِّر شهادته ، أو يكتمها ، وأما غير الوصي والشاهد ؛ فبأن يمنعوا من وصول ذلك المال إلى مستحقِّه ، فهؤلاء كلُّهم داخلون تحت قوله : " فَمَنْ بَدَّلَهُ " .
الثاني : أن المبدِّل هو الموصي ، نهي عن تغيير الوصيَّة عن مواضعها التي بيَّن الله تعالى الوصية إليها ؛ وذلك أنا بيَّنَّا أنهم كانوا في الجاهليَّة يوصون للأجانب ، ويتركون الأقارب في الجوع والضَّر ، فأمرهم الله تعالى بالوصيَّة إلى الأقربين ، ثم زجر بقوله : { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ } أي : من أعرض عن هذا التَّكليف ، وقوله : { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ، أي سَمِيعٌ لما أوصى به الموصي ، عليمٌ بنيَّته ، لا تخفى عليه خافيةٌ من التَّغيير الواقع فيها .
فصل في تبديل الوصيَّة بما لا يجوز
قال القرطبيُّ{[2505]} : لا خلاف أنه إذا أوصى بما لا يجوز ؛ مثل : أن يوصي بخمرٍ ، أو خنزير ، أو شيءٍ من المعاصي ، فإنه لا يجوز إمضاؤه ، ويجوز تبديله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.