والكلام في قوله : { ذلك بِأَنَّ الله{[30343]} } [ الحج : 6 ] كالكلام في قوله : { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ } وكذا قوله «وأنَّ اللَّهَ » يجوز عطفه على السبب ، ويجوز أن يكون التقدير والأمر أن الله ، فيكون منقطعاً عما قبله{[30344]} .
قوله : «ظَلاَّم » مثال مبالغة . فإن قيل : إذا قلت : إن زيداً ليس بظلام لا يلزم منه نفي أصل الظلم ، فإن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم .
فالجواب : أن المبالغة إنما جيء بها لتكثير{[30345]} محلها فإن العبيد جمع ، وأحسن من هذا أن فَعَّالاً هنا للنسب{[30346]} أي : بذي ظلم لا{[30347]} للمبالغة{[30348]} .
قالت المعتزلة{[30349]} : هذه الآية تدل على مطالب :
الأول : دلت على أن العبد إنما وقع في ذلك العذاب بسبب عمله فلو كان فعله خلقاً لله تعالى{[30350]} لكان حين خلقه استحال منه أن لا يتصف به فلا يكون ذلك العقاب{[30351]} بسبب فعله ، فإذا عاقبه عليه كان ذلك محض الظلم وذلك خلاف النص .
الثاني : أن قوله : { وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ } يدل على أنه سبحانه إنما لم يكن ظالماً بفعل ذلك العذاب ، وهذا يدل على أنه لو عاقبه لا بسبب فعل يصدر من جهته لكان ظالماً ، وهذا يدل على أنه لا يجوز تعذيب الأطفال لكفر آبائهم .
الثالث : أنه سبحانه تمدح بأنه لا يفعل الظلم فوجب أن يكون قادراً عليه خلاف ما يقوله النَّظَّام ، وأن يصح ذلك منه خلاف ما يقوله أهل السنة .
الرابع : أنه لا يجوز الاستدلال بهذه الآية على أنه تعالى لا يظلم ، لأن عندهم صحة نبوة النبي - عليه السلام{[30352]} - موقوفة على نفي الظلم ، فلو أثبتنا ذلك بالدليل السمعي لزم{[30353]} الدور . وأجاب ابن الخطيب عن الكلّ بالمعارضة بالعلم والداعي{[30354]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.