اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (10)

والكلام في قوله : { ذلك بِأَنَّ الله{[30343]} } [ الحج : 6 ] كالكلام في قوله : { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ } وكذا قوله «وأنَّ اللَّهَ » يجوز عطفه على السبب ، ويجوز أن يكون التقدير والأمر أن الله ، فيكون منقطعاً عما قبله{[30344]} .

قوله : «ظَلاَّم » مثال مبالغة . فإن قيل : إذا قلت : إن زيداً ليس بظلام لا يلزم منه نفي أصل الظلم ، فإن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم .

فالجواب : أن المبالغة إنما جيء بها لتكثير{[30345]} محلها فإن العبيد جمع ، وأحسن من هذا أن فَعَّالاً هنا للنسب{[30346]} أي : بذي ظلم لا{[30347]} للمبالغة{[30348]} .

فصل

قالت المعتزلة{[30349]} : هذه الآية تدل على مطالب :

الأول : دلت على أن العبد إنما وقع في ذلك العذاب بسبب عمله فلو كان فعله خلقاً لله تعالى{[30350]} لكان حين خلقه استحال منه أن لا يتصف به فلا يكون ذلك العقاب{[30351]} بسبب فعله ، فإذا عاقبه عليه كان ذلك محض الظلم وذلك خلاف النص .

الثاني : أن قوله : { وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ } يدل على أنه سبحانه إنما لم يكن ظالماً بفعل ذلك العذاب ، وهذا يدل على أنه لو عاقبه لا بسبب فعل يصدر من جهته لكان ظالماً ، وهذا يدل على أنه لا يجوز تعذيب الأطفال لكفر آبائهم .

الثالث : أنه سبحانه تمدح بأنه لا يفعل الظلم فوجب أن يكون قادراً عليه خلاف ما يقوله النَّظَّام ، وأن يصح ذلك منه خلاف ما يقوله أهل السنة .

الرابع : أنه لا يجوز الاستدلال بهذه الآية على أنه تعالى لا يظلم ، لأن عندهم صحة نبوة النبي - عليه السلام{[30352]} - موقوفة على نفي الظلم ، فلو أثبتنا ذلك بالدليل السمعي لزم{[30353]} الدور . وأجاب ابن الخطيب عن الكلّ بالمعارضة بالعلم والداعي{[30354]} .


[30343]:من الآية (6) من السورة نفسها.
[30344]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/92.
[30345]:في ب: لتكثر.
[30346]:في الأصل: للنسبة.
[30347]:لا: سقط من ب.
[30348]:انظر البحر المحيط 3/131.
[30349]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 23/12.
[30350]:تعالى: سقط من ب.
[30351]:في ب: العذاب.
[30352]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[30353]:في ب: لزوم. وهو تحريف.
[30354]:آخر ما نقله عن الفخر الرازي 23/13.