قوله : { فَإِذَا استويت أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفلك } اعتدلت أنت ومن معك على الفلك ، قال ابن عباس : كان في السفينة ثمانون إنساناً ، نوح وامرأته سِوَى التي غرقت ، وثلاثة{[32592]} بنين ، سام ، وحام ، ويافث ، وثلاثة نسوة لهم ، واثنان وسبعون إنساناً ، فكل الخلائق نسل{[32593]} من كان في السفينة{[32594]} .
روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «وُلِد لنوح ثلاثة أولاد سَام ، وحَام ، ويَافِث ، فأمّا سام فأبو العرب وفارس والروم ، وأما يافث فأبو يأجوج ومأجوج والبربر ، وأما حام فأبو هذه الجلدة السوداء{[32595]} ويأجوج ومأجوج بنو عم الترك{[32596]} » .
قال ابن الجوزي{[32597]} : وُلِد لحام كوش ، ونبرش ، وموغع ، وبوان ، ووُلِد لكوش نمرود ، وهو أول النماردة ، مَلِك بعد الطوفان ثلاثمائة سنة ، وعلى عهده{[32598]} قسّمت الأرض ، وتفرَّق الناس واختلفت الألسن ، ونمرود إبراهيم الخليل ، ومن وَلد نبرش الحرير ، ومن وَلد مُوغع يأجوج ومأجوج ، ومن وَلد بوان الصقالبة ، والنوبة ، والحبشة ، والهند ، والسند .
ولما اقتسم أولاد نوح الأرض ، نزل بنو حام مجرى الجنوب والدبور ، فجعل الله فيهم الأدمة ، وبياضاً قليلاً ، ولهم أكثر الأرض ، وروي أن فالغ أبو{[32599]} غابر قسم الأرض بين أولاد نوح بعد موت نوح ، فنزل سام{[32600]} سرة الأرض فكانت فيهم الأدمة والبياض ، ونزل بنو يافث مجرى الشمال والصبا فكانت فيهم الحمرة والشقرة ، ونزل بنو حام مجرى الجنوب والدبور فتغيرت ألوانهم .
روى ابن شهاب قال : قيل لعيسى ابن مريم - عليه السلام{[32601]} - أَحْيِ حام بن نوح - فقال : أروني قبره . فأروه ، فقام ، فقال : يا حام بن نوح احْيَ بإذن الله - عزّ وجلّ - فَلَمْ يَخْرُج ، ثم قالها الثانية{[32602]} ، فخرج ، وإذا{[32603]} شِقّ رأسه ولحيته أبيض ، فقال : ما هذا ، قال : سمعتُ الدعاء الأول فظننتُ أنه من الله - تعالى - فشاب له شقي ، ثم سمعت الدعاء الثاني فعلمت أنه من الدنيا فخرجتُ ، قال : مذ كم مِتَّ ؟ قال : منذ أربعة آلاف سنة ، ما ذهبت عنّي سكرة الموت حتى الآن . وروي أن الذي أحياه عيسى ابن مريم سام بن نوح ، والله أعلم . وروي عن النمر بن هلال قال : الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ فاثنا عشر ألف للسودان ، وثمانية للروم ، وثلاثة للفرس وألف للعرب قال{[32604]} مجاهد : ربع من لا يلبس الثياب من السودان مثل جميع الناس .
قوله : { فَقُلِ الحمد للَّهِ الذي نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين } الكافرين ، وإنما قال : «فَقُل » ولم يقل : فقولوا ، لأنّ نوحاً كان نبياً لهم وإمامهم ، فكان قولاً لهم مع ما فيه من الإشعار بفضل النبوة وإظهار كبرياء الربوبية ، وأن رتبة ذلك المخاطب لا يترقى إليها إلا ملك أو نبي {[32605]} .
قال قتادة : علمكم الله أن تقولوا عند ركوب السفينة : { بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا }{[32606]} [ هود : 41 ] ، وعند ركوب الدابة : { سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا{[32607]} } [ الزخرف : 13 ] ، وعند النزول : { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً }{[32608]} {[32609]} . قال الأنصاري : وقال لنبينا : { وَقُل ربِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ }{[32610]} [ الإسراء : 80 ] ، وقال : { فَإِذَا{[32611]} قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله }{[32612]} [ النحل : 98 ] فكأنه - تعالى - أمرهم أن لا يغفلوا عن ذكره في جميع أحوالهم {[32613]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.