ولمَّا أجاب الله دعاءه قال : { فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا } أي : بحفظنا وكلائنا ، كان معه من الله حُفّاظاً يكلأونه بعيونهم لئلا يتعرض له ولا يفسد عليه عمله {[32571]} .
قيل : كان نوح نجاراً ، وكان عالماً بكيفية اتخاذ الفلك{[32572]} .
وقيل : إن جبريل - عليه السلام{[32573]} - علّمه السفينة . وهذا هو الأقرب لقوله : «بأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا »{[32574]} . { فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا } . واعلم أن لفظ الأمر كما هو حقيقة في طلب الفعل بالقول على سبيل الاستعلاء ، فكذا هو حقيقة في الشأن العظيم ، لأن قولك : هذا أمر تردد الذهن بين المفهومين فدل ذلك على كونه حقيقة فيهما{[32575]} . وقيل : إنما سماه أمراً تعظيماً وتفخيماً كقوله : { قَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً }{[32576]} {[32577]} [ فصلت : 11 ] .
قوله : «وَفَارَ التَّنُّور » تقدم الكلام في التنور في سورة هود{[32578]} . «فَاسْلُكْ فِيهَا » أي : ادخل فيها . يقال : سَلَك فيه دَخَلَهُ ، وسَلَكَ غيره وأَسْلَكَهُ{[32579]} { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين } أي : من كل زوجين من الحيوان ( الذي يحضره في الوقت اثنين الذكر والأنثى لكيلا ينقطع نسل ذلك الحيوان ){[32580]} وكل واحد منهما زَوْج ، لا كما تقوله العامة : إنَّ الزوجَ هو الاثنان{[32581]} . روي أنه لم يحمل إلاّ ما يَلِدُ ويَبيضُ{[32582]} . وقرئ : «مِنْ كُلٍّ » بالتنوين و «اثْنَيْن » تأكيد وزيادة بيان{[32583]} «وَأهْلَكَ » أي : وأدْخل أَهْلَك { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول } ولفظ ( على ) إنما يستعمل في{[32584]} المضارّ قال تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت }{[32585]} {[32586]} [ البقرة : 286 ] . وهذه الآية تدل على أمرين :
أحدهما : أنه تعالى أمره بإدخال سائر مَنْ آمَنَ به ، وإن لم يكن من أهله . وقيل : المراد بأهله من آمَنَ دون من يتعمل به نسباً أو{[32587]} حسباً . وهذا ضعيف ، وإلاّ لما جاز الاستثناء بقوله : { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول } .
والثاني : قال : { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا } يعني : كنعان ، فإنه - سبحانه - لَمَّا أخبر بإهلاكهم ، وجب أن ينهاه عن أن يسأله في بعضهم . لأنه إن أجابه إليه ، فقد صيّر خبره الصادق كذباً ، وإن لم يجبه إليه ، كان{[32588]} ذلك تحقيراً لشأن نوح - عليه السلام{[32589]} - ، فلذلك{[32590]} قال : «إِنَّهُم مُغْرَقُونَ » أي : الغرق نازل بهم لا محالة {[32591]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.