اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَوۡلَآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

قوله{[40450]} : { ولولا أَن تُصِيبَهُم } هي الامتناعية ، و ( أنْ ) وما في حيزها في موضع رفع بالابتداء{[40451]} ، أي : ولولا أصابتهم مصيبة{[40452]} ، وجوابها محذوف ، فقدره الزجاج : ما أرسلنا إليهم رسلاً{[40453]} . يعني أن الحامل على إرسال الرسل إزاحة عللهم بهذا القول ، فهو كقوله : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل }{[40454]} [ النساء : 165 ] ، وقدره ابن عطية : لعاجلناهم{[40455]} ، ولا معنى لهذا . «فَيَقُولُوا » عطف على «تصيبهم » و «لَوْلاً » الثانية تحضيض{[40456]} ، و «فنتبع » جوابه{[40457]} ، فلذلك نصب بإضمار «أَنْ » .

قال الزمخشري : فإن قلت كيف استقام هذا المعنى وقد جعلت العقوبة هي السبب ، لا القول لدخول حرف الامتناع عليه دونه ؟ قلت : القول هو المقصود بأن{[40458]} يكون سبباً للإرسال ، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول وكان وجوده بوجودها جعلت العقوبة كأنها سبب للإرسال بواسطة القول ، فأدخلت عليها ( لولا ){[40459]} ، وجيء بالقول معطوفاً عليها بالفاء المعطية معنى السبب ، ويؤول معناه{[40460]} إلى قولك : ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة لما أرسلنا ، ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة وهي أنهم لو لم{[40461]} يعاقبوا مثلاً على كفرهم عاينوا ما ألجئوا به إلى العلم اليقيني ببطلان{[40462]} دينهم لم يقولوا : لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إلَيْنَا رَسُولاً . بل إنما يقولون إذا نالهم العقاب ، وإنما السبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير التأسف على ما فاتهم من الإيمان بخالقهم ، وهو كقوله{[40463]} : { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] .


[40450]:في ب: قوله تعالى.
[40451]:في ب: الابتداء.
[40452]:في ب: المصيبة.
[40453]:قال الزجاج: (أي: لولا ذلك لم يحتج على إرسال الرسل، ومواترة الاحتجاج) معاني القرآن وإعرابه 4/147، وابن عادل تابع لأبي حيان في هذا النقل. انظر البحر المحيط 7/123.
[40454]:انظر البحر المحيط 7/123.
[40455]:قال ابن عطية (وجواب لولا محذوف تقديره: لما أرسلنا الرسل) تفسير ابن عطية 11/307 وابن عادل تابع لأبي حيان في هذا النقل. انظر البحر المحيط 7/123.
[40456]:قال أبو عبيدة: ("لولا أرسلت إلينا رسولاً" مجازه: هلاّ) مجاز القرآن 2/107.
[40457]:انظر الكشاف 3/171، البحر المحيط 7/123.
[40458]:في الأصل: لأن.
[40459]:في ب: الواو. وهو تحريف.
[40460]:في ب: معناها.
[40461]:في ب: لولا.
[40462]:في ب: سلطان.
[40463]:الكشاف 3/171-172.