قوله : { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً } وجه الاستدراك أن المعنى : وَمَا كُنْتَ شَاهِداً لموسى وما جرى عليه ولكِنَّا أوحيناه إليك ، فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة الفترة ودل به على{[40418]} المسبب على عادة{[40419]} الله في اختصاراته ، فإن هذا الاستدراك هو شبيه{[40420]} بالاستدراكين بعده ، قاله الزمخشري{[40421]} ، وهذا تنبيه على المعجز{[40422]} ، كأنه{[40423]} قال : إن في إخبارك بهذه الأشياء من غير حضور ولا مشاهدة ولا تعلم من أهله دلالةً ظاهرةً على نبوتك كقوله : { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصحف الأولى }{[40424]} [ طه : 133 ] .
قوله : { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } أي : مقيماً ، يقال : ثَوَى يَثْوِي ثَوَاءً وثُوِياً ، فهو{[40425]} ثاوٍ ومثويّ ، قال ذو الرمة .
4007 - لَقَدْ كَانَ في حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُه *** تَقَضِّي لُبَانَاتٍ وَيَسْأْمُ سائِمُ{[40426]}
4008 - طَالَ الثَّوَاءُ عَلَى رَسُولِ المَنْزِلِ{[40427]} *** . . .
4009 - وَبَاتَ حَيْثُ يَدْخُلُ الثَّوِيُّ{[40428]} *** . . .
قوله : «تَتْلُوا » يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «ثَاوِياً » ، وأن يكون خبراً ثانياً{[40429]} ، وأن يكون هو الخبر ، و «ثَاوِياً » حال{[40430]} وجعله الفراء منقطعاً مما قبله{[40431]} . أي : مستأنفاً{[40432]} كأنَّه قيل : وها أنت تتلو على أمَّتك ، وفيه بعد .
المعنى : { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً } خلقنا أمماً من بعد موسى { فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العمر } أي : طالت عليهم المهلة ، فنسوا عهد الله وتركوا أمره ، وذلك أن الله عهد إلى موسى وقومه عهوداً في محمد - صلى الله عليه وسلم - والإيمان به ، فلما طال عليهم العمر وخلقت القرون من بعد القرون نسوا{[40433]} تلك العهود وتركوا الوفاء بها ، «وَمَا كُنْتَ » مقيماً { في أَهْلِ مَدْيَنَ } كمقام موسى وشعيب فيهم { تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } تذكرهم بالوعد والوعيد{[40434]} .
قال{[40435]} مقاتل : يقول لم تشهد أهل مدين فتقرأ على{[40436]} أهل مكة خبرهم{[40437]} { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } في كل زمان رسولاً{[40438]} يعني : أرسلناك رسولاً ، وأنزلنا عليك كتاباً فيه هذه الأخبار فتتلوها عليهم ولولا ذلك ما علمتها ، ولم تخبرهم بها{[40439]} ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.