وقوله : «عِنْدي » إما ظرف ل «أُوتِيته » ، وإما صفة{[40828]} للعلم{[40829]} .
قال قارون : { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي } أي : على فضلٍ وخير علمه الله عندي فرآني{[40830]} أهلاً لذلك ففضلني بهذا المال عليكم كما فضلني بغيره{[40831]} ، وقال سعيد بن المسيب والضحاك : كان موسى عليه السلام{[40832]} يعلم علم الكيمياء ( أنزل الله عليه علمه من السماء ){[40833]} فعلَّم يوشع بن نون ثلث ذلك العلم وعلم كالب بن يوقناء ثلثه وعلم قارون ثلثه ، فخدعهما قارون حتى أضاف علمهما إلى علمه{[40834]} . وكان ذلك سبب أمواله .
وقيل : { على عِلْمٍ عندي } بالتصرف في التجارات والزراعات وأنواع المكاسب{[40835]} ثم أجاب الله عن كلامه بقوله : { أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القرون } الكافرة { مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً } للأموال أو أكثر جماعة وعدداً . فقوله { أَوَلَمْ يَعْلَمْ } يجوز أن يكون هذا إثباتاً{[40836]} لعلمه بأن الله قد أهلك قبله من القرون من هو أقوى منه وأغنى ، لأنه قرأه في التوراة وأخبر به موسى وسمعه من حفاظ التواريخ ؛ كأنه قيل : أو لم يعلم في جملة ما عنده من العلم هذا حتى لا يغتر بكثرة ماله وقوته . ويجوز أن يكون نفياً لعلمه بذلك لأنه لما قال : { أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي } فتصلف{[40837]} بالعلم وتعظم به قيل مثل ذلك العلم الذي ادعاه ورأى نفسه به مستوجبة لكل نعمة ولم يعلم هذا العلم النافع{[40838]} حتى يقي به نفسه . والمعنى أنه تعالى إذا أراد إهلاكه لم ينفعه ذلك ولا ما{[40839]} يزيد عليه أضعافاً{[40840]} .
قوله : { مَنْ هُوَ أَشَدُّ } من موصولة أو نكرة موصوفة وهو في موضع المفعول ب «أهلك » ، و «مِنْ قَبْلِهِ » متعلق به ، و «مِنَ القُرُونِ » يجوز فيه ذلك ويجوز أن يكون حالاً من { مَنْ هُوَ أَشَدُّ }{[40841]} .
قوله : «وَلاَ يُسْأَلُ » هذه قراءة العامة على البناء للمفعول وبالياء من تحت ، ورفع الفعل ، وقرأ أبو جعفر «وَلاَ تُسْأَل » بالتاء من فوق والجزم{[40842]} وابن سيرين وأبو العالية كذلك إلا أنه مبني للفاعل وهو المخاطب ، قال ابن أبي إسحاق : لا يجوز ذلك حتى ينصب «المُجْرِمِين »{[40843]} ، قال صاحب اللوامح : هذا هو الظاهر إلاَّ أنَّه لم يبلغني فيه شيء ، فإن تركها مرفوعاً فيحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون «المُجْرِمُونَ » خبر مبتدأ محذوف أي هم المجرمون .
الثاني : أن يكون بدلاً من أصل الهاء والميم في «ذنوبهم » لأنهما مرفوعاً المحل ، يعني أن «ذُنُوباً » مصدر مضاف لفاعله ، قال فحمل المجرمون{[40844]} على الأصل كما تقدم في قراءة { مَثَلاً مَا بَعُوضَةٍ } بجر بعوضة ، وكان قد خرجها على أن الأصل : يضرب مثل بعوضةٍ ، وهذا تعسف كثير فلا ينبغي أن يقرأ ابن سيرين وأبو العالية إلا «المُجْرِمِينَ » بالياء فقط وإنما ترك نقلها{[40845]} لظهوره{[40846]} .
قوله : { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون } قال قتادة : يدخلون النار بغير حساب ولا سؤال{[40847]} ، وقال مجاهد يعني لا تسأل الملائكة عنهم ، لأنهم يعرفونهم بسيماهم{[40848]} ، وقال الحسن : لا يسألون سؤال استعلام وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ{[40849]} ، وقيل : إن المراد أن الله تعالى{[40850]} إذا عاقب المجرمين فلا حاجة به إلى أن يسألهم{[40851]} عن كيفية ذنوبهم وكنيتها{[40852]} ، لأن الله تعالى عالم بكل المعلومات فلا حاجة إلى السؤال{[40853]} ، فإن قيل : كيف الجمع بينه وبين قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92 ، 93 ] فالجواب : يحمل ذلك على وقتين كما قررناه{[40854]} .
وقال أبو مسلم : السؤال قد يكون للمحاسبة ، وقد يكون للتقريع والتوبيخ ، وقد يكون للاستعتاب ، وأليق الوجوه بهذه الآية الاستعتاب لقوله { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } [ النحل : 84 ] { هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 35 ، 36 ] .
قوله : «فِي زينَتِهِ » إما متعلق ب «خَرَج » ، وإما بمحذوف على أنه حال من فاعل خرج{[40855]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.