اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (69)

قوله : { والَّذِينَ جَاهَدُوا } ( يجوز ){[41755]} فيه ما جاز في «الذين آمنوا » أول السورة{[41756]} وفيه رد على ثَعْلَب{[41757]} حيث زعم أَنَّ جملة القسم لا تقع خبراً للمبتدأ{[41758]} ، والمعنى : والذين{[41759]} جاهدوا المشركين لنُصرة ديننا «لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا » لَنُثَبِّتَنَّهُمْ على ما قاتلوا عليه وقيل : لنَزِيدنهم هدى{[41760]} ، كما قال : { وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى } [ مريم : 76 ] وقيل : لَنَهْدِيَنَّهُمْ{[41761]} لإصابة الطرق المستقيمة ، والطرق المستقيمة هي التي توصل إلى رضى الله - عزّ وجلّ - قال سفيان بن عيينة{[41762]} : إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور ، فإن الله قال : { والذين جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }{[41763]} وقيل : المجاهدة هي الصبر على الطاعات قال الحسن{[41764]} : أفضلُ الجهاد مخالفة الهوى ، وَقَالَ الفضيل بن عياض{[41765]} { والَّذِينَ جَاهَدُوا في إقامة السنة لنهدينهم سبيل الجنة } .

قوله : { وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين } من إقامة الظاهر مُقَام المضمر ، إظهاراً لشرفهم ، والمعنى لمع المحسنين بالنصر والمعونة في دنياهم ، وبالثواب والمغفرة في عقباهم .

ختام السورة:

روى أبو أمامة{[1]} عن أبيّ بن كعب{[2]} قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسناتٍ بعدد المؤمنين والمنافقين »{[3]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[3]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/612، 613) عن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي والضحاك. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (/605) عن أبي عبد الرحمن السلمي وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[41755]:ساقط من "ب".
[41756]:حيث يجوز أن يكون مرفوعاً بالابتداء، والخبر جملة القسم ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مضمر منصوباً على الاشتغال.
[41757]:ثعلب: أحمد بن يحيى ين يزيد بن سيار، سمع إبراهيم بن المنذر ومحمد بن سلام الجمحي وروى عنه محمد بن العباس اليزيدي وعلي بن سليمان وأبو بكر الأنباري وغيرهم له المصون، والفصيح وغير ذلك. انظر: إنباه الرواة 1/138: 151.
[41758]:ووجه الامتناع عنده أحد وجهين الأول: إما كون جملة القسم لا ضمير فيها فلا تكون خبراً، وإما كون الجملة الثانية وهي جملة القسم إنشائية والواقعة خبراً لا بد من احتمالها للصدق والكذب، وكلا الأمرين ملغى، انظر الهمع 1/96، والبحر 7/159.
[41759]:القرطبي 13/364.
[41760]:مريم: 76.
[41761]:القرطبي 13/364.
[41762]:سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي مولاهم أبو محمد الأعور الكوفي أحد الأئمة عن عمرو بن دينار وعنه شعبة وابن المبارك، مات سنة 198 هـ. انظر: خلاصة الكمال 145، 146.
[41763]:القرطبي 13/365.
[41764]:المراجع السابقة.
[41765]:الفضيل بن عياض: الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو علي التميمي اليربوعيّ، حدث عن منصور، وأبان بن أبي عياش، وروى عنه ابن المبارك ويحيى القطان، مات سنة 187 هـ. انظر: خلاصة الكمال وتذكرة الحفاظ 1/245 و 246، وانظر رأيه في القرطبي 13/365.