العامل في " إذْ " مضمَر ، تقديره : واذكر إذْ غدوت ، فينتصب المفعول به لا على الظرف ، وجوَّز أبو مسلم أن يكون معطوفاً على { فِئَتَيْنِ } في قوله :{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ } [ آل عمران : 13 ] أي : قد كان لكم آية في فئتين ، وفي إذْ غَدَوْتَ ، وهذا لا ينبغي أن يعرَّج عليه .
وقال بعضهم : العامل في " إذْ " " محيط " تقديره : بما يعملون محيط إذْ غَدَوْتَ .
قال بعضهم : وهذا لا يَصحّ ؛ لأن الواو في ( وَإِذْ ) يمنع في عمل ( مُحِيطٌ ) فيها .
والغُدوّ : الخروج أول النهار ، يقال : غدا يغدو ، أي : خرج غدوة ، وفي هذا دليل على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال ؛ لأن المفسِّرين أجمعوا على أنه إنما خرج بعد أن صَلَّى الجمعة .
ويُسْتَعْمَل بمعنى : " صار " عند بعضهم ، فيكون ناقصاً ، يرفع الاسم ، وينصب الخبر ، وعليه قوله صلى الله عليه وسلم : " لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ توكُّلِهِ لَرَزَقكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصاً ، وتَرُوحُ بِطَاناً " {[5858]} .
قوله : " من أهلك " متعلق ب " غَدَوْتَ " ، وفي " مِنْ " وجهان :
أحدهما : أنها لابتداء الغاية ، أي : من بين أهلك .
قال أبو البقاء : " وموضعه نصب ، تقديره فارقت أهلَك " .
قال شهابُ الدِّيْنِ{[5859]} : " وهذا الذي قاله ليس تفسير إعراب ، ولا تفسير معنى ؛ فإن المعنى على غير ما ذكر " .
الثاني : أنها بمعنى : " مع " أي : مع أهْلك ، وهذا لا يساعده لفظ ، ولا معنى .
قوله : " تبوئ " يجوز أن تكون الجملة حالاً من فاعل : " غَدَوْتَ " ، وهي حال مقدرة ، أي : قاصداً تَبْوئةَ المؤمنين ؛ لأن وقت الغدو ليس وقتاً للتبوئة ، ويُحْتَمَل أن تكون حالاً مقارنة ؛ لأن الزمان متسع .
و " تبوئ " أي تُنزل ، فهو يتعدى لمفعولين ، إلى أحدهما بنفسه ، وإلى الآخر بحرف الجر ، وقد يُحْذَف - كهذه الآية - ومن عدم الحذف قوله تعالى : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ } [ الحج : 26 ] وأصله من المباءة - وهي المرجع- .
وَمَا بَوَّأ الرَّحْمَنُ بَيْتَكَ مُنْزِلاً *** بِشَرْقيٍّ أجْيَادِ الصَّفَا وَالْمُحَرَّمِ{[5860]}
كَمْ صَاحِبٍ لِيَ صَالِحٍ *** بَوَّأتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدَا{[5861]}
وقيل : اللام في قوله " لإبراهيم " مزيدة ، فعلى هذا يكون متعدياً لاثنين بنفسه .
و " مقَاعِدَ " جمع مَقْعَد ، والمراد به - هنا - مكان القعود ، و " قعد " قد يكون بمعنى : " صار " في المثل خاصة .
قال الزمخشري : " وقد اتُّسِعَ في قَامَ ، وقَعَدَ ، حتى أجْرِيَا مُجْرَى صار "
. قال أبو حيان : أما إجراء قَعَدَ مُجْرَى صار ، فقال بعض أصحابنا : إنما جاء ذلك في لفظة واحدة شاذة في المثل قولهم : شَحَذَ شَفْرَتَه حتَّى قَعَدَتْ كأنَّهَا حَرْبَةٌ ، ولذلك نُقِد على الزمخشري تخريجُه قوله تعالى : { فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً } [ الإسراء : 22 ] بمعنى تصير ؛ لأنه لا يَطَّرِد إجراء قَعَدَ مُجْرَى صار .
قال شهابُ الدين{[5862]} : " وهذا - الذي ذكره الزمخشري - صحيح ، من كون قَعَد بمعنى : صار في غير ما أشار إليه هذا القائل ؛ حكى أبو عمر الزاهد - عن ابن الأعرابي - أن العرب تقول : قعد فلان أميراً بعد أن كان مأموراً ، أي : صار " .
ثم قال أبو حيان : وأما إجراء قام مُجْرَى صار ، فلا أعلم أحداً عدَّها في أخَوَاتِ " كان " ، ولا جعلها بمعنى " صار " إلا ابن هشام الخَضْراوي ، فإنه ذكر - في قول الشاعر : [ الوافر ]
عَلَى مَا قَامَ يَشْتِمُنِي لَئِيمٌ *** كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ{[5863]}
قال شهابُ الدين : " وغيرُه من النحويين من يجعلها زائدةً ، وهو شاذٌّ ، أيضاً " .
وقرأ العامة : " تبوّئ " فعدَّوْه بالتضعيف ، وقرأ عبد الله : " تُبْوِئ " ، بسكون الباء{[5864]} فعدَّاه بالهمزة ، فهو مضارع أبْوَأ - كأكرم .
وقرأ يحيى بن وثَّاب " تُبْوِي " {[5865]} كقراءة عبد الله ، إلا أنه سَهَّل بإبدالها ياءً ، فصار لفظه كلفظ : يُحيي .
وقرأ عبد الله : للمؤمنين{[5866]} - بلام الجر - كقوله : " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت " وقد تقدم أن في هذه اللام قولين ، والظاهر أنها معدية ؛ لأنه قبل التضعيف ، والهمزة غيرُ متعدٍّ بنفسه . ويحتمل أن يكون قد ضمَّنه - هنا - تهيِّئ ، وترتِّب .
وقرأ الأشهب " مقاعد القتال{[5867]} " - بإضافتها للقتال - واللام في " لِلْقِتَالِ " - في قراءة الجمهور - فيها وجهان :
أوّلهما : - وهو أظهر - : أنها متعلقة ب " تبوئ " على أنها لام العلة .
والثاني : أنها متعلقة بمحذوف ؛ لأنها صفة لِ " مَقَاعِدَ " أي : مقاعد كائنة ، ومُهَيَّأة للقتال ، ولا يجوز تعلقها ب " مقاعد " ، وإن كانت مشتقة ؛ لأنها مكان ، والأمكنة لا تعمل .
كيفية النظم أنه - تعالى - لما قال : { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً } [ آل عمران : 120 ] أتبعه ببيان أن الصبر يؤدي إلى النُّصْرة ، والمعونة ، ودَفْع ضرر العدو ، وأن عدم الصبر يؤدي إلى خلاف ذلك ، فقال : { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ } يعني : يوم أُحُد ، كانوا كثيرين ، مستعدِّين للقتال ، فلما خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم انهزموا ، ويوم بدر كانوا قليلين ، غير مستعدين للقتال ، فلما أطاعوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم غَلَبُوا .
وفيه وجه آخر ، وهو أنه لما نهى عن اتخاذ المنافقين بطانة ، بيَّن - هنا - العلة في ذلك ، وهي أن انكسارَكم يوم أحُد ، إنما حصل بسبب تخلُّف عبد الله بن أبَيِّ ابْن سَلُول ، المنافق .
فقال ابن عباس ، والسُّدِّيّ ، وابنُ إسْحَاقَ ، والرَّبِيعُ ، والأصم ، وأبو مسلم ، وأكثر المفسرين : إنه يوم أُحُد{[5868]} .
وقال الحسنُ : هو يوم بدر . {[5869]}
وقال مجاهد ومقاتل : هو يوم الأحزاب ، {[5870]} واحتج الأولون بوجوه :
الأول : أن أكثر العلماء بالمغازي ذكروا أن هذه الآية نزلت في واقعة أحُد .
والثاني : أنه - تعالى - قال بعد هذه الآية : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ } [ آل عمران : 123 ] ، والظاهر أنه معطوف على ما تقدم ، وحقُّ المعطوف أن يغاير المعطوفَ عليه ، وأما يوم الأحزاب فالقوم إنما خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحُد ، لا يوم الأحزاب ، فكانت قصة أحُد ألْيَقَ بهذا الكلام ، لأن المقصود من ذكر هذه القصة تقرير قوله : { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ } . [ آل عمران : 120 ] .
الثالث : أن الانكسار كان في يوم أُحُد أكثر منه في يوم الأحزاب ، لأن في يوم أُحُد قَتَلُوا جَمْعاً كثيراً من أكابر الصحابة ، ولم يتفق ذلك في يوم الأحزاب ، فكان حمل الآية على يوم أحُد أوْلَى .
الرابع : أن ما بعده إلى قريب من آخر السورة متعلق بحرب أحد .
قال مُجَاهِدٌ ، والكَلْبِيُّ ، والوَاقِدِي : غَدَا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزل عائشة ، فمشى على رجليه إلى أحد ، يَصُفُّ أصحابَه للقتال ، كما يقوم القداح{[5871]} ، وروي أن المشركين نزلوا بأحُد يوم الأربعاء ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزولهم ، استشار أصحابه ، ودعا عبدَ الله ابْن أبيّ ابْنَ سلول - ولم يدعه قط قبلها - ، فاستشاره ، فقال عبد الله بن أبَيّ ، وأكثر الأنصار : يا رسول الله أقم بالمدينة ، لا تخرج إليهم ، فوالله ما خرجنا عنها إلى عدو قط إلا أصاب منا ، ولا دخل عدو علينا إلا أصبْنَا منه ، فدعهم ، فإن أقاموا أقاموا بِشَرِّ موضع ، وإن دخلوا قاتلهم الرجالُ في وجوههم ، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم ، وإن رجعوا رجعوا خائبين ، فأعْجَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرأيُ .
وقال آخرون : اخرج بنا إلى هؤلاء الأكْلُب ؛ لئلا يظنّوا أنا قد خفناهم وضعفنا ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إنِّي رَأيْتُ فِي مَنَامِي بَقَرَةً تُذْبَحُ حَوْلِي ، فأوَّلْتُها خَيْراً ، وَرَأيْتُ فِي ذُبَابَةِ سَيْفِي ثَلْماً ، فَأوَّلْتُه هَزِيمَةً ورأيت كأنِّي أدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْع حَصِينَة ، فأوَّلْتُها المَدِينَةَ ، فَإنْ رَأيْتُمْ أن تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ ، وتدعوهُمْ - وَكَانَ يُعْجِبُهُ أنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ ، فِيُقَاتَلُوا في الأزقَّة - فَقَالَ رِجالٌ مِنَ المُسْلمين فَاتَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ ، وأكْرَمَهُمُ اللهُ بِالشَّهَادَةِ يَوْمَ أحُدٍ : اخْرُجْ بِنَا إلَى أعْدائِنَا ، فَلَمْ يَزَالُوا برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ ، فَلَبَس لأمَتهُ ، فَلَمَّا رَأوْهُ قَدْ لَبِسَ السِّلاَحَ نَدِمُوا ، وَقَالُوا : بِئْسَ ما صنعنا ، نُشِيرُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والوَحْيُ يَأتِيهِ ! ! ! فَقُامُوا ، واعْتَذَرُوا إلَيْهِ ، وَقَالُوا : اصْنَعْ ما رأيت ، فَقَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أنْ يَلْبَسَ لأمَتَهُ ، فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ - وَكَانَ قَدْ أقَامَ المُشرِكُون بأحُدٍ يَوْمَ الأرْبِعَاءِ ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ - فَرَاحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَمَا صَلى بِأصْحَابِهِ الجمعة ، وقد مَاتَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِمْ ، فَأصْبَحَ بالشِّعْب من أحُد يوم السَّبْتِ للنصف من شَوَّال سنة ثلاثٍ من الهجرة ، فَمَشَى عَلَى رجْلَيْهِ ، وَجَعَلَ يصُفُّ أصحابَه لِلْقِتَالِ كَمَا تُقَوَّمُ القِدَاحُ ، إنْ رَأى صدْراً بَارِزاً تأخَّر ، وكان نزوله في جانب الوادي ، وجعل ظهره وعسكره إلى أحد ، وأمَّرَ عبد الله بن جبير على الرُّماة ، وقال : ادفعوا عنا بالنبل حتى لا يأتونا من ورائنا ، وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : اثْبُتُوا فِي هَذَا المَقَامِ ، فَإذَا عاينوكم وَلَّوْكم الأدبار ، فلا تطلبوا المدبرين ، ولا تخرجوا من هذا المقام .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خالف رأي عبد الله بن أبي شق ذلك عليه ، وقال : أطاع الولدان وعصاني ، ثم قال لأصحابه : إن محمداً إنما يظفر بعدوه بكم ، وقد واعد أصحابه أن أعداءهم إذا عاينوهم انهزموا ، فإذا رأيتم أعداءه فانهزموا ، فيتبعوكم ، فيصير الأمر على خلاف ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما التقى الفريقان انهزم عدو الله بالمنافقين ، وكان جملة عسكر المسلمين ألفاً ، فانهزم عبد الله بن أبي بثلاثمائة ، وبقيت سبعمائة ، فذلك قوله تعالى : { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ } [ آل عمران : 122 ] .
أي : أن تضعفا ، وتجبُنا ، وتتخلفا .
والطائفتان : بنو سلمة من الخزرج ، وبنو حارثة من الأوس ، وكانا جناحي العسكر ، وكان عليه السلام قد خرج في ألف رجل ، فانخزل عبد الله بن أبي بثلث الجيش ، وقال : نقتل أنفسنا وأولادنا ! فتبعهم أبو جابر السُّلمِي ، وقال : أنشدكم الله في نبيكم ، وفي أنفسكم ، فقال عبد الله بن أبَيّ : { لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ } [ آل عمران : 167 ] ، وهمت بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف مع عبد الله بن أبيّ ، فعصمهم الله ، فلم ينصرفوا ، فذكرهم الله عظيم نعمته . فقال - عز وجل - { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا }
{ آل عمران : 122 ] ناصرهما ، وحافظهما ، ثم قواهم الله ، حتى هزموا المشركين ، فلما رأى المؤمنون انهزام القوم ، طلبوا المدبرين ، فأراد الله أن يعظهم عن هذا الفعل ؛ لئلا يقدموا على مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وليعلموا أن نصرهم إنما حصل ببركة طاعتهم لله ولرسوله ، ومتى تركهم الله مع عدوهم لم يقوموا لهم ، فنزع الله الرُّعب من قلوب المشركين ، فكَرَّ عليهم المشركون ، وتفرق العسكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ } [ آل عمران : 153 ] ، وشُجَّ وَجْه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكُسِرَت رَبَاعِيَتهُ ، وشَلَّتْ يد طلحة دونه ، ولم يَبْقَ معه إلا أبو بكر ، وعليّ ، والعباسُ ، وطلحة وسعد ، ووقعت الصيحة في العسكر بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قُتِل ، ثم نودي على الأنصار بأن هذا رسول الله ، فرجع إليه المهاجرون والأنصار ، وكان قد قُتِل منهم سبعون ، وأكْثر فيهم الجراح ، فقال صلى الله عليه وسلم : رحم الله رجلاً ذَبَّ عن إخوانه ، وشدَّ على المشركين بمن معه حتى كشفهم عن القتلى والجرحى " ، وكان الكفار ثلاثة آلاف{[5872]} ، والمسلمون ألفاً - أو أقل - رجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة ، وبقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم سبعمائة ، وأعانهم الله حتى هزموا الكفارَ ، ثم لمَّا خالفوا أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم ، واشتغلوا بطلب الغنائم انقلب الأمر عليهم ، وانهزموا .
قوله : { وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي : سميع لأقوالكم ، " عليم " بضمائركم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما شاور أصحابه في تلك الحرب ، فقال بعضهم : أقم بالمدينة ، وقال آخرون : اخرج إليهم ، فكان لكل أحد غرض في نفسه ، فمن موافق ومن منافق ، فقال تعالى : " أنا سميع لما تقولون عليم بما تسرون } .