قوله : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّه } قرأ الكوفيون صَدَّقَ بتشديد الدال والباقون بتخفيفها{[44503]} ، فأما الأولى «فظَنَّهُ » مفعول به{[44504]} والمعنى أن ظنَّ إبليس ذهب إلى شيء فوافق فصدق هو ظنه على المجاز والاتساع ومثله : كَذَّبْتُ ظَنِّي ونَفْسي وصَدَّقْتُهُمَا وصدَّقَانِي وَكذَّبانِي وهو مجاز شائع سائغ أي ظن شيئاً فوقع{[44505]} وأصله من قوله : { فلأغوينهم ولأضلنهم } [ النساء : 119 ] وقوله : { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 82 ] { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [ الأعراف : 17 ] فصدق ظنه وحققه بفعله ذلك بهم واتباعهم إياه . وأما الثانية : فانتصب «ظنه » على ما تقدم من المفعول به كقولهم «أصَبْتُ ظَنِّي ، وأَخْطَأت ظَنِّي »{[44506]} أو على المصدر بفعل مقدر أي «يَظُنُّ ظَنَّهُ » أو على إسقاط ( الخافض{[44507]} أي ) في ظَنَّه{[44508]} ، وزيد بن علي والزُّهْريُّ بنصب «إبليسَ » ورفع «ظَنُّهُ »{[44509]} كقول الشاعر :
4130- فَإنْ يَكُ ظَنِّي صَادِقاً فَهْوَ صَادق . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[44510]}
جعل «ظنه » صادقاً{[44511]} فيما ظنه مجازاً واتساعاً ، وروي عن أبي عمرو برفعهما{[44512]} وهي واضحة جعل «ظنه » بدل اشتمال من إبليس والظاهر أن الضمير في «عليهم » عائد على أهْلِ سَبَأَ و «إلاَّ فَريقاً » استثناء من فاعل «اتَّبَعُوه » و «مِنَ المُؤمِنِينَ » صفة «فَريقاً » و «مِنْ » للبَيَان لا للتبعيض لئلا يَفْسد المعنى ؛ إذا يلزم أن يكون بعض من آمن اتبع إبْليسَ{[44513]} .
قال المفسرون : صدق عَلَيْهم أي على أهل سبأ . وقال مجاهد : على الناس كلهم إلا من أطاع الله فاتَّبعوه إلاَّ فريقاً من المؤمنين{[44514]} . قال السدي عن ابن عباس يعني المؤمنين كلهم لأن المؤمنين لم يتبعوه في أصل الدين{[44515]} وقد قال تعالى : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [ الحجر : 42 ] يعني المؤمنين وقيل : هو خالص في المؤمنين الذين يطيعون الله ولا يَعْصُونه . وقال ابن قتيبة : إن إبليس سأل النظرة فأنَظَرَهُ الله قال : لأغويَنَّهُمْ وَلأضِلَّنَّهُمْ لم يكن مستيقناً وقت هذه المقالة أن ما قاله فيهم يتم وإنما قال ظناً فلما اتبعوه وأطاعوه صدق عليهم ما ظنه فيهم{[44516]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.