تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۚ وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٞ} (24)

الآية 24 وقوله تعالى : { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا } يحتمل قوله { بالحق } أي بالتوحيد ، أي أرسلناك لتدعو الناس إلى توحيد الله ، أو أرسلناك بالحق الذي لله عليهم وما لبعض على بعض ، أو أرسلناك بالحق أي للحق ، وهو البعث الذي هو كائن ، لا محالة .

وقوله تعالى : { بشيرا ونذيرا } أي بشيرا بالجنة لمن آمن ، وأجابك ، ونذيرا بالنار لمن عصاه ، وخالف أمره ، وترك إجابتك . هذا يدل على أنه لم يُرد في قوله : { إن أنت إلا نذير } [ فاطر : 23 ] أنه نذير خاصة ، ليس ببشير .

وقوله تعالى : { وإن من أمّة إلا خلا فيها نذير } قال بعضهم : ليس [ من ]{[17251]} أصناف الخلق على اختلاف جواهرهم وأجناسهم{[17252]} إلا وقد خلا لهم نذير ، يأمر ، وينهى ، ويمنع ، ويُبيح ، كقوله : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أُمم أمثالكم } الآية [ الأنعام : 38 ] أخبر أن الخلق على اختلاف أصنافهم وجواهرهم أُمم أمثال{[17253]} البشر ، يتحمّلون ما يتحمّل البشر من الأمر والنهي والنّذارة والبشارة .

وقال بعضهم : ذلك راجع إلى الجن والإنس خاصة ، ليس إلى الكل ، لأنهما هما المخصوصان بالخطاب والنّطق والعقل وغير ذلك . وفيهما ظهر بعث الرسل والنُّذر ، ولم يظهر ذلك في غيرهما . فكأنه قال : وإن من أمة من هذين [ الجوهرين ]{[17254]} من القرون إلا خلا فيهما نذير ، والله أعلم .


[17251]:من م، ساقطة من الأصل.
[17252]:في الأصل وم: وأصنافهم.
[17253]:في الأصل وم: أمثالهم.
[17254]:ساقطة من الأصل وم.