اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (83)

قوله : { فَسُبْحَانَ الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } قرأ طلحةُ والأعمش{[46673]} مَلَكَةُ بزنة شَجَرَةٍ . وقرئ مَمْلَكَة بزنة مَفْعَلَةٍ وقرئ مُلْكُ{[46674]} . والملكوت أبلغ الجميع ، والعامة على «تُرْجَعُونَ » مبنياً للمفعول ، وزيدُ بن عليِّ مبنيًّا للفاعل{[46675]} وتقدم الكلام على قوله «سُبْحَانَ »{[46676]} والتسبيحُ التنزيه ، والملكوتُ مبالغة في المُلْك كالرَّحَمُوت{[46677]} والرَّهَبُوت ، وهو فَعَلُول أو فَعلُوت فيه{[46678]} كلام ،

ختام السورة:

قال - عليه ( الصلاة و ) السلام- : «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس »{[1]} . وقال عليه ( الصلاة ) والسلام : «لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبٌ ، وإنَّ قَلْبَ القُرآنِ سُورَةُ يس وَمنْ قَرَأ يس كَتَب اللَّهُ لَهُ بقراءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّات »{[2]} ، وعن عائشة قالت : «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إنَّ فِي القرآن سُورَةً تَشْفَعُ لقَارِئها ويُغْفَر لمُسْتَمِعِها أَلاَ وِهِيَ سُورَة يس »{[3]} وعن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه - قال : «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يس تُدْعَى المُعِمَّة قيل : يا رسول الله : وما المُعمَّة ؟ قال : تَعُمّ صاحبها خَيْرَ الدُّنْيَا والآخِرَة وتُدْعَى الدافِعَة القَاضِيَة تَدْفَعُ عَنه كُلَّ سُوءٍ وتَقْضِي له كُلَّ حَاجَةٍ ، وَمَنْ قَرَأهَا عَدَلَتْ لَهُ عِشْرينَ حَجّةً ومَنْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَلْفُ دِينَارٍ في سَبِيل اللَّهُ وَمَنْ كَتَبَهَا وَشَربَهَا أدْخَلَتْ جَوْفَه ألفَ دَواء وألْفَ يَقين وألفَ رَأْفَةٍ ونُزعَ منه كُلُّ دَاءٍ وغِلّ{[4]} ، وعن أبي أُمامَةَ عن أبيِّ بن كعب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قَرَأ يس يُريدُ بها وَجْهَ- عَزَّ وَجَلَ- غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وأعْطِيَ منَ الأَجْر كَأَنَّما قَرَأ القُرْآنَ اثْنَتَي عَشْرَةَ مَرَّةً ، وأَيُّمَا مَرِيض قُرئَ عندَه سورةُ يسٍ نَزَلَ عَلَيْهِ بِقَدْر{[5]} كُلِّ حَرْف عَشْرَة أمْلاك ، يَقُومُون بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفاً فيصَلُّون عَلَيْهِ ويَسْتَغْفِرون علَيه ويَشْهَدونَ قَبْضَهُ وغُسْلَهُ وَيتّبِعُونَ جَنَازَتُه ويُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدُون دَفْنَهُ وأَيُّما مَريض قَرَأ سُورَةَ يس وَهُو فِي سَكَرَاتِ المَوْتِ لَمْ يَقْبضْ مَلَكُ الموتِ رُوحَه حَتَّى يَجِيئَهُ رَضْوَانُ خَازنُ الجِنَانِ بشَرْبةٍ مِن الجَنَّة فَيَشْرَبُها وهُوَ عَلَى فِرَاشِه فَيموتُ وَهُو رَيَّانُ ويُبْعَثُ وَهُوَ رَيَّانُ ، وَيُحَاسَبُ وَهُو رَيَّانُ وَلاَ يَحْتَاج إلَى حَوْضٍ مِنْ حياض الأنْبِيَاء ، حَتَّى يَدْخُلَ الجَنَّةَ وَهُوَ رَيَّان »{[6]}

وعن أبي هريرة قال : «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –( من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفورا له ){[7]} . وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ دَخَلَ المَقَابِرَ فَقَرأ سُورة يس خَفَّفَ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ فِيهَا حَسَنَاتٌ{[8]} . وعن يحيى بن أبي كثير قال : بَلَغَنا أنه «مَنْ قَرَآَ يس حِين يُصْبحُ لَمْ يَزَلْ فِي فَرَحٍ حَتَّى يُمْسِي وَمَنْ قَرَأها حِينَ يُمْسِي لَمْ يَزَلْ فِي فَرَحِ حَتَّى يُصْبح »{[9]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[3]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/612، 613) عن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي والضحاك. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (/605) عن أبي عبد الرحمن السلمي وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[4]:أخرجه البخاري (4/301)، كتاب: فضل ليلة القدر، باب: التماس ليلة القدر في السبع الأواخر رقم (2015)، ومسلم (2/822)، كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر والحث على طلبها... رقم (205- 1165).
[5]:تقدم.
[6]:سقط من: ب.
[7]:تقدم.
[8]:ينظر: تفسير القرطبي (20/93).
[9]:سقط من: ب.
[46673]:الكشاف 3/332 والمحتسب 2/217 وهي من الأربع فوق العشرة المتواترة. وانظر: الإتحاف 367 وذكرها ابن خالويه بالهاء "ملكه" وكلها بمعنى واحد.
[46674]:البحر 7/349 والكشاف 3/332 والدر المصون 4/535.
[46675]:إحدى القراءات العشرية المتواترة انظر: المراجع السابقة والإتحاف 367، والنشر 2/355 و 356 وهي قراءة يعقوب أيضا.
[46676]:تكررت هذه اللفظة كثيرا في القرآن فلقد سبقت في يوسف 108 و 1 من الإسراء و 93 منها و 108 منها أيضا و22 من الأنبياء و 91 من المؤمنون و 8 من النمل و 68 من القصص و 17 من الروم و 36 من نفس السورة ولعله يقصد الإعراب الذي في الآية الأخيرة من نفس السورة عموما فهو علم للتسبيح كعثمان للرجل وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره أسبح الله سبحان، ثم نزل سبحان منزلة الفعل فسد مسده ودل على التنزيه البليغ من جميع القبائح.
[46677]:في كلتا النسختين كالرحمن. تحريف وخطأ، فسياق الكلام والقرآن يشير إلى ما صححت أعلى وهو الرحموت.
[46678]:نقل السيوطي في المزهر عن ابن دريد قوله: "لم يجيء على فعلون إلا ملكوت وجبروت ورحموت من الرحمة ورهبوت من الرهبة وعظموت من العظمة وسلبوت من السلب وناقة تربوت لا تنفر وحلبوت وركبوت تصلح للحبل والركب ورجل خلبوت خداع مكار". وزاد الفارابي قلبوت أرض. انظر: المزهر 2/68.