قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ } لما ذكر دليلاً من الآفاق على وجوب عبادته بقوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً }{[46626]} [ يس : 71 ] ذكر دليلاً من الأنفس فقال : { أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ } ، قيل : المراد بالإنسان أبيّ بن{[46627]} خلف الجُمَحِيّ خَاصَمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في إنكار البعث وأتاه بعظم قد بلي ففتته بيده وقال : أترى يُحْيِي اللُّهُ هذا العظمَ بعدما رَمَّ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم ويَبْعَثُكَ ويُدْخِلُك النار . فأنزل الله هذه الآيات قال ابن الخطيب : وقد ثبت في أصول الفقه أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ألا ترى قوله تعالى : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } [ المجادلة : 1 ] نزلت في واحدة وأراد الحكم في الكل فكذلك كل إنسان ينكر الله أو الحشر هذه الآية ردّ عليه وقوله : { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } أي جَدِلٌ بالباطل «مبين » بيّن الخصومة . وفي ( هذه ) الآية لطيفة وهي أن اختلاف صور أعضائه{[46628]} مع تشابه أجزاء النطفة آية ظاهرة ومع ذلك فهناك ما هو أظهر ، وهو نُطْقُهُ وفَهْمُهُ لأن النطفة جسم فهبْ أن جاهلاً يقول إنه استحال جسماً آخر لكن القوة الناطقة ، والقوة الفاهمة من أين تقتضيهما النطفة فإبداع النطق والفهم أعجب وأغرب من إبداع الخلق والجسم وهو ( إلى ){[46629]} إدراك القوة والاختيار منه أقرب فقوله : «خَصِيمٌ » أي ناطق ، وإنما ذكر الخصيم مكان الناطق لأنه أعلى أحوال الناطق فإن الناطق مع نفسه لا يبين كلامه مثل ما يبينه وهو يتكلم مع غيره والمتكلم مع غيره إذا لم يكن خصماً لا يبين ولا يجتهد مثل ما يجتهد إذا كان كلامه مع{[46630]} خصمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.