قوله تعالى : { حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا } «حتى » غاية ليُحْشَرُ والمعنى حتى إذا جاءوا النار فيكون «ما » صلة{[48718]} . وقيل : فيها فائدة زائدة وهي تأكيد وهي تأكيد أن عند مجيئهم لا بد وأن تحصل هذه الشهادة كقوله تعالى : { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ } [ يونس : 51 ] أي لا بد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به{[48719]} .
في كيفية تلك الشهادة ثلاثة أقوال :
الأول : أن الله تعالى يخلق الفهم والقدرة والنطق فتشهد كما يشهد الرجل على ما يعرفه .
والثاني : أنه تعالى يخلق في تلك الأعضاء الأصوات والحروف الدالة على تلك المعاني{[48720]} .
الثالث : أن يظهر في تلك الأعضاء أحوال تدل على صدور تلك الأعمال من ذلك الإنسان وتلك الأمارات تسمى شهادات كما يقال : يشهد هذا العالم بتغيرات{[48721]} أحواله على حدوثه .
قال ابن الخطيب : والسبب في تخصيص هذه الأعضاء الثلاثة بالذكر أن الحواسَّ الخمس وهي السمع والبصر ، والشَّمُّ والذَّوْقُ واللمسُ ، وآلة اللمس هي الجلد ، فالله تعالى ذكر هاهنا ثلاثة أنواع من الحواس وهي السمع والبصر واللمس ، وأهمل ذكر نوعين ، وهما : الذوق والشم ، فالذوق داخل في اللّمس من بعض الوجوه ؛ لأن إدراك الذوق إنما يتأتى بأن تصير جلدة اللسان مماسَّة لجرم ( الطعام وكذلك الشم لا يتأتى حتى تصير جلدة الحنك مماسةً لجرم ) المشموم فكانا داخلين في جنس{[48722]} اللَّمس . وإذا عرف هذا فنقول : نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : المراد من شهادة الجلود شهادة الفروج ، وهذا من باب الكنايات ، كما قال : { لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً } [ البقرة : 235 ] وأراد النكاح وقال : { أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الغائط } [ النساء : 43 ] والمراد قضاء الحاجة ، وقال عليه الصلاة والسلام : «أَوَّلَ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَ الآدميِّ فَخِذُهُ وكَفُّه »{[48723]} وعلى هذا التقدير فتكون هذه الآية وعيداً شديداً في إتيان الزنا ؛ لأن مقدمة الزنا إنما تحصل بالفخذ . وقال مقاتل : تنطق جوارحهم بما كتمته الأنفس{[48724]} من عملهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.