قوله تعالى : { وَأَمَّا ثَمُودُ } الجمهور على رفعه ، ممنوع الصرف . والأعمش وابن وثَّاب مصروفاً{[48692]} ، وكذلك كل ما في القرآن{[48693]} إلا قوله : { وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة } [ الإسراء : 59 ] ، قالوا لأن الرسم ثمود بغير ألف . وقرأ ابن عباس وابنُ أبي إسحاق والأعمش في روايةٍ ثموداً منصوباً مصروفاً{[48694]} . والحسنُ وابن هرمزٍ وعاصم أيضاً منصوباً غير منصرف{[48695]} .
فأما الصرف وعدمه فقد تقدم توجيههما في «هُودٍ »{[48696]} . وأما الرفع فعلى الابتداء والجملة بعده الخبر ، وهو متعيّن عند الجمهور{[48697]} لأن «أَمَّا » لا يليها إلا المبتدأ ، فلا يجوز فيما بعدها الاشتغال إلا في قليل كهذه القراءة{[48698]} ، وإذا قدرت الفعل الناصب فقدِّره بعد الاسم المنصوب أي وأما هديناهم فهديناهم . قالو : لأنها لا يليها الأفعال{[48699]} .
قال الزمخشري : وقرئ : بضم الثَّاء{[48700]} . قال مجاهد : هديناهم : دعوناهم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما بيَّنَّا لهم سبيل الهدى ، وقيل : دللناهم على طريق الخير والشر ، كقوله { هَدَيْنَاهُ السبيل } [ الإنسان : 3 ] { فاستحبوا العمى عَلَى الهدى } أي فاختاروا الكفر على الإيمان .
وذكر الزمخشري في تفسير الهدى قوله تعالى : { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 2 ] : أن الهدى عبارة عن الدلالة الموصلة إلى البغية{[48701]} ، وهذه الآية تبطل قوله لأنها تدل على أن الهدى قد حصل مع أن الإفضاء إلى البغية لم يحصل{[48702]} . ( انتهى ){[48703]} .
قالت المعتزلة : دلت هذه الآية على أن الله تعالى ينصب الدلائل ويزيح الأعذار إلا أن الإيمان إنما يحصل من العبد ، لأن قوله تعالى : «فَهَديْنَاهُمْ » يدل على أنه تعالى نصب لهم الدلائل ، وقوله { فاستحبوا العمى على الهدى } يدل على أنهم من عند أنفسهم أتوا بذلك العمى ، وهذا يدل على أن الكفر والإيمان يحصلان من العبد .
الأول : أنه إنما صدر عنهم ذلك العمى لأنهم أحبوا تحصيله ، فلما وقع في قلوبهم هذه المحبة دون محبة صده ، فِإن حصل هذا الترجيح لا لمرجِّح فهو باطل وإن كان لمرجِّح فإن كان المرجِّح هو العبد عاد الطلب ، وإن كان المرجح هو الله فقد حصل المطلوب .
الثاني : أنه تعالى قال : { فاستحبوا العمى عَلَى الهدى } ومن المعلوم بالضرورة أن أحداً لا يحب العمى والجهل مع العلم بكونه{[48704]} عمًى وجهلاً بل ما يظنُّ{[48705]} في ذلك العمى والجهل بكونه تبصرةً وعلماً مما يرغب فيه فإقدامه على اختياره{[48706]} على ذلك الجهل الثاني إن كان باختياره لزم التسلسل وهو محال ، فلا بد من انتهاء تلك الجهالات إلى جهل يحصل فيه لا باختياره وهو المطلوب{[48707]} .
قوله : { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العذاب الهون بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } وصاعقة العذاب أي المهلكة والعذاب الهون أي ذي الهون ، أي الهوان وهو الذي يهينهم { بما كانوا يكسبون } من شركهم وتكذيبهم صالحاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.