قوله : «أفَرَأْيت » بمعنى أخبرني وتقدم حكمها{[50695]} مشروحاً ، المفعول الأوّل من اتخذ والثاني محذوف ، تقديره : بعد غشاوة أيهتدي ؟ ودل عليه قوله : «فَمَنْ يَهْدِيهِ » .
وإنما قدرت بعد غشاوة ، لأجل صلات الموصول{[50696]} . واعلم أنه تعالى عاد إلى شرح أحوال الكفار ، وقبائح طرائقهم فقال : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ } قال ابن عباس والحسن وقتادة : وذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه ، فلا يهوى شيئاً إلا ركبه ، لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه .
وقرئ «آلِهَتَهُ »{[50697]} هواه ، لأنه كلما مال طبعه إلى شيء اتبعه والمعنى اتخذ معبوده هواه ، فيعبد ما تهواه نفسه . قال سعيد بن جبير : كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة فإذا وجدوا شيئاً أحسن من الأول رَموه وكسروه وعبدوا الآخر . قال الشعبي : إنما سمي الهوى لأنه يَهوِي بصاحبه في النار{[50698]} . قوله : «عَلَى عِلْمٍ » حال من الجلالة أي كَائِناً عَلَى عِلْمٍ منه بعاقبة أمره أنه أهل لذلك{[50699]} .
وقيل : حال من المفعول ، أي أضله وهو عالم ، وهذا أشنع لَهُ . وقرأ الأَعرجُ{[50700]} : آلِهَةً على الجمع ، وعنه كذلك مضافة لضميره آلهته هواه{[50701]} .
قوله : { وختم على سمعه وقلبه } يسمع الهوى وقلبه لم يعقل الهدى وهو المراد من قوله{[50702]} : { خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } [ البقرة : 7 ] وقد تقدم .
قوله : «غشاوة » قرأ الأخوان غَشْوَةً بفتح الغين ، وسكون الشين{[50703]} . والأعمش وابن مِصْرف كذلك إلا أنهما كسرا الغين{[50704]} . وباقي السبعة غِشاوة بكسر{[50705]} الغين . وابن مسعود والأعمش أيضاً بفتحها{[50706]} وهي لغة ربيعة والحسن وعكرمة . وعبد الله أيضاً بضمها ، وهي لغة محكيَّة{[50707]} وتقدم الكلام في ذلك في أول سورة البقرة ، وأنه قرئ هناك بالعَيْن المُهْملة{[50708]} .
قوله : { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله } أي من بعد إضلال الله إياه . وقال الواحدي : ليس يبقى لِلْقدرية مع هذه الآية عذر ولا حيلة ؛ لأن الله تعالى صرح منعه إياهم عن الهدى بعد أن أخبر أنه ختم على سمع هذا الكافر وقلبه وبصره{[50709]} . ثم قال : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } قرأ العامة بالتشديد ، والجَحْدريّ بتخفيفها والأعمش تتذكرون بتاءين{[50710]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.