اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

ولما بين تعالى أنهم أعرضوا عن الحق بغياً وحسداً ، أمَرَ رسوله بأن يَعْدِلَ عن تلك الطريقة ، وأن يتمسَّك بالحقّ وأن لا يكون له غَرَض سوى إظهار الحق فقال : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِّنَ الأمر } أي جعلناك يا محمد على سنة وطريقة بعد موسى «مِنَ الأَمْر » من الدِّين { فاتبعها وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } يعني مراد الكافرين وأديانهم الخبيثة . قال الكلبي : إن رؤساءَ قريشٍ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ، ارجع إلى دين آبائك فهم كانوا أفْضَلَ منْك وأسَنّ ، فأَنْزَل الله تَعَالَى هذه الآية{[50641]} .

قوله : «عَلَى شَرِيعةٍ » هو المفعول الثاني لجعَلْنَاك . والشريعة في الأصل ما يرده الناس من الماء في الأنهار ، ويقال لذلك الموضع شريعة ، والجمع شرائع قال :

4443 وَفِي الشَّرَائِع مِنْ جَيْلاَن مُقْتَنَصٌ *** رَثٌّ الثِّيابِ خَفِيُّ الشَّخْصِ مُنْسَرِبُ{[50642]}

فاستعير ذلك للدين ، لأن العباد يردون ما يحيى{[50643]} به نفوسهم{[50644]} .


[50641]:وانظر تفسير الإمام العلامة الفخر الرازي 27/265.
[50642]:من بحر البسيط، ولم أعرف قائله وشاهده: أن الشرائع جمع شريعة وهو موضع ومكان المياه وانظر البحر المحيط 8/36 والدر المصون 4/835.
[50643]:في ب "يخفى" تحريف.
[50644]:وانظر الدر المصون 4/835.