اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالُواْ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ} (30)

فأجابوها بأن ذلك من الله تعالى ، وأن هذا ليس بدعاء ، وإنما هو قول الله { كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ } ثم دفعوا استبعادها بقولهم : { إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم } .

قوله : «كَذَلِك » منصوب على المصدر ب «قَالَ »{[52867]} الثانية أي مثلُ ذلك القول الذي أخبرناكِ{[52868]} به قال ربُّك ، أي إنه من جهة الله فلا تعجبي منه .

قال ابن الخطيب : وقال ههنا : الحكيم العليم وفي سورة ( هود ) {[52869]} : إنَّهُ حَميدٌ مجيدٌ ؛ لأن الحكاية في هود أبسطُ فذكروا ما يدفع استبعادها{[52870]} بقولهم : { أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله } ، ثم أرشدوها إلى القيام بشكر نعم الله بقولهم : «حَمِيدٌ » فإن الحميد هو الذي يفعل الأفعال الحسنة ، والمجيد إشارة إلى أنه لا يحمد لفعله وإنما يحمد لذاته .

وههنا لما لم يقولوا : أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله أَشَارُوا إلى ما يدفع تعجبها بقولهم : «حكيم عليم » . فالحميد يتعلق بالفعل ، والمجيد يتعلق بالذات ، وكذلك الحكيم هو الذي فعله قاصداً إليه ، فإن من يتقلب في النوم{[52871]} على حية فماتت لا يعد حكيماً ، وأما إذا قصد قتلها بحيث يسلم من نهشها ، يقال : إنه حكيم والعليم صفة راجعة إلى الذات ، فقدم وصف الفعل وارتقى درجة إلى وصف الذات إشارة إلى أنه يستحق الحمد وإن لم يفعل فعلاً{[52872]} .


[52867]:قاله صاحب التبيان 1181.
[52868]:الكشاف 4/18.
[52869]:لفظ هود ساقط من أ الأصل.
[52870]:في ب استبعاده وفي الرازي الاستبعاد.
[52871]:في ب نومه وفي الرازي: جنبه.
[52872]:وانظر تفسير العلامة الرازي 28/15 بالمعنى قليلا.