قوله : { وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّائِلِ والمحروم } لمّا تقدم التعظيم لأم الله ثَنَّى بالشفقة على خلق الله ، وأضاف الأموال إليهم ، لأنه مدح لهم ، وقال في موضع آخر { وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } [ الحديد : 7 ] ؛ لأن ذلك تحريض وحث على النفقة وذلك يناسبه .
فإن قيل : كون الحق في المال لا يوجب مدحاً ؛ لأن كون المسلم في ماله حقّ وهو الزكاة ليس صفة مدح ، لأن كل مسلم كذلك بل الكافر إذا قلنا : إنه مخاطب بفروع الإسلام في ماله حق معلوم ، غير أنه إذا أَسْلَمَ سقط عنه ، وإن مات عُوقِبَ على ما تركه الأداء . وإن أَدَّى من غير إسلام لا يقع الموقع فكيف يفهم كونه مدحاً ؟
فالجواب : أنا نفسر السائل بمن يطلب جزءاً من{[52768]} المَال وهو الزكاة والمَحْرُومُ من لا يطلب جزءاً معيّناً وهو طالب صدقة التطوع كأنه قال : في ماله زكاةٌ وصَدَقَةٌ .
أو يقالُ : بأن «في » للظرفية ، والمعنى أَنّهم لاَ يجمعون المال ولا يجعلونه ظرفاً للحُقُوق ، والمطلوب من الظرف والمظروف إنما هو المظروف وهذا مدح عظيم .
فإن قيل : لَو قيل : مالهم للسائل كان أبلغ !
فالجواب : لا نسلم ، فإن صرف جميع المال حتى يبقى فقيراً محتاجاً منهيٌّ عنه ، وكذلك الصلاة والصوم الاقتصاد فيهما أبلغ لقوله : - عليه الصلاة والسلام - : «إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ ، فَادْخُلُوا{[52769]} فِيهِ بِرفقٍ ؛ فَإنَّ المُنْبَتَّ لاَ أَرْضاً قَطَعَ وَلاَ ظَهْراً أَبْقَى »{[52770]} .
أحدها : أن السائل هو الآدمي ، والمحروم كل ذي روح غيره من الحيوانات المحترمة ، قال - عليه الصلاة والسلام - : «فِي كُلّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ » وهذا ترتيب حسن ؛ لأن الآدمي يُقدَّمُ على البهائم .
الثاني : أن السائل هو الذي يَسْأَل ، والمَحْرُوم هو المتعفّف يظن أنه غنيٌّ فيُحْرَمُ . وقدَّمَ السائلَ ؛ لأن حاله يعرف بسؤاله ، أو يكون إشارة إلى كثرة العَطَاء فيعطي السؤال ، فإذا لم يجدهم يسأل عن المحتاجين فيكون سائلاً ومسؤولاً .
الثالث : قدم السائل ؛ لتجانس رُؤُوس الآي{[52771]} .
قال ابنُ عباس وسعيدُ بن المُسيّب : السّائل الذي يسأل الناس ، والمحروم الذي ليس له في الغنائم سهمٌ ولا يُجْرَى عليه من الفَيء شَيءٌ . وقال قتادة والزُّهْري : المحروم المتعفّف الذي لا يسأل . وقال زيد بن أسلم : هو المصاب ثمره أو زرعه أو تشَلُّ ماشيتُه ، وهو قول مُحَمّد بن كَعْب القُرَظيِّ . قال : المحروم صاحب الحاجة ، ثم قرأ : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } [ الواقعة : 66 - 67 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.